مقدّمات الصلاة-1
درب الهداية
لقد اهتمّ الإسلام اهتماماً بالغاً في مسألة علاقة الإنسان مع خالقه. وكان من جملة تلك الاهتمامات موضوع الصلاة التي تعتبر كما جاء في الروايات معراج المؤمن، وقربان كلِّ تقي. ولشدّة اهتمام الإسلام بها،
عدد الزوار: 128
لقد اهتمّ الإسلام اهتماماً بالغاً في مسألة علاقة الإنسان مع خالقه. وكان من جملة
تلك الاهتمامات موضوع الصلاة التي تعتبر كما جاء في الروايات معراج المؤمن، وقربان
كلِّ تقي. ولشدّة اهتمام الإسلام بها، جعل للمسلم قبل أن يدخل في صلاته بعض الأمور
إمّا الواجبة أو المستحبّة التي تساعده على التهيّؤ والاستعداد للصلاة. وهذه الأمور
هي التي يطلق عليها مقدّمات الصلاة.
المقدّمة الأوّلى أوقات الصلاة
1- طرق معرفة دخول الوقت:
يمكنُ للمكلّف معرفةُ دخول وقت الصلاة من خلال الطرق الآتية:
أ- حصول العلم أو الاطمئنان لدى المكلّف بدخول الوقت.
ب- أن يخبر رجلان عدلان بدخول الوقت.
ج- أذان المؤذِّن الثقة المطمأَنّ به، والعارف بالوقت (أي الذي يعرف أوقات الصلاة).
2- أوقات الصلوات:
أ- وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق1 إلى طلوع الشمس.
ب- وقت صلاة الظهر من زوال الشمس إلى ما قبل المغرب بمقدار يصلّى فيه صلاة العصر.
ج- وقت صلاة العصر بعد الزوال بمقدار أداء صلاة الظهر إلى غروب الشمس لا أذان
المغرب.
د- وقت صلاة المغرب من غروب الشمس2 إلى ما قبل منتصف الليل3
بمقدار أداء صلاة العشاء.
هـ- وقت صلاة العشاء بعد صلاة المغرب بمقدار أدائها إلى منتصف الليل.
3- أحكام أوقات الصلوات:
أ- لا يجوز الشروع في الصلاة قبل دخول وقتها.
ب- أوّل الوقت (مقدار أداء الصلاة) مختصّ بالفريضة الأولى وآخره (مقدار أداء الصلاة)
بالفريضة الثانية.
ج- الأحوط وجوباً لمن أخّر العشاءين عن نصف الليل أن يأتي بهما قبل طلوع الفجر بقصد
ما في الذمّة4، سواء أكان التأخير اضطراراً (النوم، النسيان) أم عمداً.
وإذا لم يأتِ بهما يجب عليه قضاؤهما، ولو أتى بهما بالنيّة المذكورة لم يجب عليه
القضاء خارج الوقت.
د- الأحوط وجوباً في حساب منتصف الليل أن يحسب الليل من أول الغروب إلى أذان الصبح5.
المقدَّمة الثانية: القبلة وأحكامها
1- أحكام القبلة:
أ- يجب على المصلّي استقبال القبلة مع الإمكان في الصلوات الواجبة سواء
أكانت يوميّة أم غيرها حتىّ صلاة الجنائز.
ب- الاستقبال في الصلاة هو الاتّجاه نحو جهة البيت العتيق من سطح الكرة الأرضيّة،
وذلك بأن يتجّه المصلّي إلى جهة الكعبة المبنيّة في مكّة المكرّمة.
ج- يجب على المكلّف أن يعلم بالتوجّه إلى القبلة، ويكفي الاطمئنان في ذلك.
2- طرق معرفة القبلة:
يمكن معرفة القبلة من خلال الطرق التالية:
أ- العلم: أي علم المكلّف باتّجاه القبلة.
ب- شهادة عدلين: شهادة رجلين عدلين يعتمدان على أمور حسيّة تمكّنهما من
معرفة القبلة.
ج- الاعتماد على محاريب المساجد: فإنّ محاريب مساجد المسلمين تُبنى باتجاه
القبلة.
د- الاعتماد على قبور المسلمين: فإنّ المسلمين يدفنون موتاهم باتّجاه القبلة
من خلال وضع الميت على جانبه الأيمن باتّجاه القبلة.
هـ- الوسائل العلميّة: يمكن الاستفادة من الوسائل العلمية كالبوصلة في معرفة
القبلة شرط حصول الاطمئنان.
و- الاستفادة من الوسائل الطبيعيّة: كالشاخص6، والشمس، والنجوم (لمن
كان خبيراً بكيفيّة الاستفادة منها) أو غيرها من الطرق الموجبة للإطمئنان.
3- أحكامُ طرق معرفة القبلة:
أ- إذا تعذّر على المكلّف معرفة القبلة يبذلُ تمام جهده ويعمل على ظنِّه.
ب- يجب على الأحوط وجوباً في حالة الجهل بجهة القبلة ولم يحصل ظنّ بأي جهة كانت أن
يصلّي في هذه الحالة إلى الجهات الأربع مع سعة الوقت، وإن لم يسع الوقت يصلّي إلى
الجهات المحتملة بما يسع الوقت.
ج- يشترط في الطريقين الأخيرين من طرق معرفة القبلة حصول الاطمئنان للمكلّف لجهة
القبلة بهما كما ذكرنا.
4- حكم الانحراف عن القبلة:
أ- إذا صلّى المكلّف إلى غير اتّجاه القبلة عمداً فصلاته باطلة.
ب- إذا صلّى إلى جهة معيّنة بأحد الطرق المتقدّمة ثمّ تبيّن خطؤه، فهنا يوجد ثلاث
صور:
الصورة الأولى: إذا كان الانحراف ما بين اليمين والشمال:
إذا كان منحرفاً عن القبلة إلى ما بين اليمين والشمال7 ولم
يعلم إلّا بعد الصلاة صحّت صلاته.
إذا كان الانحراف إلى ما بين اليمين والشمال والتفت أثناء الصلاة مضى ما تقدّم منها
واستقام في الباقي، وصحّت صلاته من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه.
الصورة الثانية: إذا تجاوز الانحراف عمّا ما بين اليمين
والشمال:
إذا التفت المصلي إلى ذلك بعدما أنهى صلاته، لكن أثناء الوقت أعاد
الصلاة .وأمّا إذا انكشف في الأثناء فمع إمكان إدراك ولو ركعة واحدة، فإنّه يعيد
صلاته، وإذا لم يمكن ذلك استقبل القبلة في الباقي من الصلاة وصحت صلاته، والأحوط
استحباباً قضاؤها.
إذا التفت المصلي إلى ذلك خارج الوقت فصلاته صحيحة، ولا يجب عليه القضاء.
الصورة الثالثة: إذا كان المصلي مستدبراً القبلة:
إذا التفت المصلي في الوقت أنه مستدبر القبلة أعاد الصلاة.
إذا التفت المصلي إلى أنه مستدبر القبلة خارج الوقت صحّت صلاته ولا شيء عليه.
إذا التفت أثناء الصلاة أنه مستدبر القبلة، فإن كان لديه سعة من الوقت ولو لركعة
واحدة قطع الصلاة، وأعادها مستقبلاً القبلة، وإذا لم يسع الوقت استقام في الباقي
وصحّت صلاته.
المقدّمة الثالثة: الستر وأحكامه
1- الواجب ستره في الصلاة:
أ- يجب على الرجل أن يستر عورته في الصلاة، والعورة، هي: الدبر والقبل
والخصيتان.
ب- يجب على المرأة ستر جميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه الواجب غسله في الوضوء،
واليدين إلى الزندين، والقدمين إلى مفصل الساقين مع عدم وجود الناظر الأجنبي، ومع
وجوده يجب سترهما(أي خصوص القدمين).
ج- لو انكشفت العورة (لريح أو غفلة) أو كانت منكشفة من أوّل الوقت، والمصلّي لا
يعلم فصلاته صحيحة، ولكن لو علم أثناء الصلاة يجب عليه أن يبادر إلى الستر ويتابع
صلاته8.
2- شرائط لباس المصلي:
يشترط أن يكون الساتر في الصلاة من اللباس مع الاختيار، ولا يكفي ما
يمنع النظر إلى العورة كاليد أو الطين، ويشترط في لباس المصلي:
أ- أن يكون طاهراً فلا تصحّ الصلاة بالنجس في حال الاختيار.
ب- أن يكون مباحاً(غير مغصوب).
ج- أن لا يكون من أجزاء الميتة.
د- أن لا يكون من حيوان محرّم الأكل كالسباع ونحوها.
هـ- أن لا يكون من غير المذكّى (حيوان زُهقت روحه على غير الطريقة الشرعيّة).
و- أن لا يكون ذهباً أو حريراً (حريراً خالصاً) بالنسبة للرجال، فلو صلّى الرجل
بالذهب فصلاته باطلة9.
المقدِّمة الرابعة: مكان المصلي
المقصود بمكان المصلّي هو ما استقرّ عليه المصلّي، وما شغله من مكانه في قيامه
وركوعه وسجوده. ويشترط في مكان المصلي أمور، وهي:
1- أن يكون مباحاً (غير مغصوب) فلا تجوز
الصلاة في المكان المغصوب في حال الاختيار، ويجوز مع الاضطرار أو الإكراه (كالأسير
إذا صلّى في مكان مغصوب)، وكذلك حال الجهل أو النسيان.
2- أن يكون مستقرّاً وغير مضطرب، فيجب أن يكون
مكان المصلّي ثابتاً، فلا تصحّ الصلاة في الحافلة مثلاً مع الاختيار، أمّا في حالة
الاضطرار تصحّ الصلاة مع مراعاة استقبال القبلة بما أمكنه من الصلاة، كما لو كان في
الطائرة مثلاً فإنّه يتّجه ناحية القبلة قدر الإمكان وإذا لم يستطع إلَّا في تكبيرة
الإحرام وجب عليه الاستقبال، ولو عجز عن ذلك صلّى بدون استقبال.
3- أن لا يكون ممّا يحرم الوقوف فيه، كالمكان
الذي فيه خطر على حياة الإنسان، أو فراش مكتوب عليه آياتٌ قرآنية.
4- أن لا يكون متقدّماً على قبر النبي صلى
الله عليه وآله وسلم أو أحد الأئمة عليهم السلام، ولا إشكال في الوقوف مساوياً له.
* درب الهداية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- الفجر الصادق، هو ظهور بياض
ونور على الجهة الشرقية من البلد ينتشر في أفق السماء عرضاً بحيث يثبت النور ويمحى
الظلام.
2- المغرب، هو زوال الحمرة المشرقية، ولا يكفي سقوط القرص لبدء صلاة المغرب.
3- منتصف الليل، هو الفترة الممتدة ما بين الغروب وطلوع الفجر على الأحوط، وأما
طريقة احتسابه فهي، يقسم الوقت الممتد من الغروب إلى طلوع الفجر الصادق على اثنين
ثمّ تزاد النتيجة على وقت
الغروب، مثال على ذلك: لو فرض أن الغروب هو الساعة الخامسة مساءً، والفجر الصادق هو
الساعة السادسة صباحاً، فيكون منتصف الليل الساعة، الحادية عشر ونصفاً (13/2=6،
30+5=11، 30).
4- عمّا في الذمة، وهو الإتيان بالعبادة عمّا اشتغلت ذمته به من أداء أو قضاء دون
تحديد نية الأداء أو القضاء على الأحوط وجوباً.
5- تهذيب تحرير الوسيلة، ج1، ص، 243 - 247. تعليم الأحكام، ص، 164 - 165.
6- له حالة خاصة وزمان خاص يمكن الاستفادة منه في تحديد جهة القبلة.
7- أي كان انحرافه أقل من، 90 درجة.
8- تهذيب تحرير الوسيلة، ج1، ص، 253 - 262. تعليم الأحكام، ص، 133 - 142.
9- لا يجوز للرجل لبس السلسلة الذهبية والقلادة والخاتم وحزام الساعة، وتبطل الصلاة
فيها على الأحوط وجوباً.