يتم التحميل...

رجال حزب الله

ربيع الثاني

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في مقطع من رسالته إلى عامله على مدينة البصرة في العراق (عثمان بن حنيف الأنصاري) وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم غنيهم مدعو وفقيرهم مجفو:

عدد الزوار: 32

رجال حزب الله


يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في مقطع من رسالته إلى عامله على مدينة البصرة في العراق (عثمان بن حنيف الأنصاري) وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم غنيهم مدعو وفقيرهم مجفو:"طُوبَى لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلَى رَبِّهَا فَرْضَهَا وَعَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا وَهَجَرَتْ فِي اللَّيْلِ غُمْضَهَا حَتَّى إِذَا غَلَبَ الْكَرَى عَلَيْهَا افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا وَتَوَسَّدَتْ كَفَّهَا فِي مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُيُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ وَتَجَافَتْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ جُنُوبُهُمْ وَهَمْهَمَتْ بِذِكْرِ رَبِّهِمْ شِفَاهُهُمْ وَتَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِمْ ذُنُوبُهُمْ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".

قيمة هذه الكلمات إنها كلمات الإمام علي (عليه السلام) والتي تعبر عن شخصيته وجوانب حياته التي عاشها في نفسه ومع ربه وفي مجتمعه، فنحن بحاجة أن نقرأ بقلب مرتعش، بقلب عاشق لعلي، وكلمات علي (عليه السلام) ليس لها إلا كشف أسرار خفايا هذا الوصال التي تربط بينه وبين من اعتبرهم الله تعالى أنهم في حزبه وأنهم المفلحون والغالبون.

فعلي (عليه السلام) هو الذي عاش البؤس حتى باع سيفه لشدة الحاجة وهو الذي سقى بستان يهودي طوال الليل مقابل ثلاثة دراهم ليشتري بها قميصا. وحده علي (عليه السلام) لم يُعدّ لبالي ثوبه طمر، علي (عليه السلام) هو الذي عرك بجنبه بؤسه، وهذا هو سر حلاوة وعذوبة كلام علي (عليه السلام)، وعلي (عليه السلام) هو الهاجر للمنام يجد السير وسط نخيل الكوفة ليختلي بحبيبه فأين البكاؤون عندما يبكي علي حتى يطلع الفجر وهو يذكر الآخرة ويخوف نفسه بيوم الحساب.

أليس علي (عليه السلام) إمام الزاهدين، أمير الذاكرين، سيد المستغفرين؟، أليس المقتدون بعلي (عليه السلام) هم حزب علي (عليه السلام)؟، أليس حزب علي (عليه السلام) هو حزب الله؟.

نعم أولئك حزب الله الذين تحدّث عن مواصفاتهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال عنهم القرآن:"ألا إن حزب الله هم المفلحون" وقد يتصور البعض أن عليا يتحدث لعصر أو لمصر، أو لأهل البصرة وواليه، أو يتصور البعض أن هذا من الأدبيات والمثاليات.

ولكن أليس هذا هو فهم علي للقرآن في وصف هذه الزمرة من أهل الآخرة فأين نحن من توجيهات علي وكيف نستطيع أن نجعل الإسلام شهداً في نفوس الفقراء من دون أن نقتدي بعلي كيف نذوق طعم البصيرة في دين الله من دون أن نصبح بمستوى الالتزام بوصايا علي؟ كيف نستحق أن نكون واسطة النصر لهذه الأمة إن نحن أعرضنا عن علي وكلام علي؟.

وإذا لم نكن حزب الله فماذا نكون إذاً؟: فأبناء حزب الله أولئك السائرون على خط ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته (صلوات الله عليهم)، والمتمسكون بنهجهم ومدرستهم، مدرسة القرب من الله سبحانه والتزام الطاعة وأداء التكليف الشرعي، فرضي الله عنهم حين قال:"رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".

حزب الله هم أولئك الذين تحدّث عنهم القرآن الكريم وبشّرهم بالفوز والنصر والفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى:"وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ".

وأما حزب الشيطان فهم أولئك البائسون الخاسرون المذنبون التائهون في ظلمات الدنيا وملذّاتها الفانية، والذين نسوا ذكر الله تعالى.

فمن أراد أن يكون ملتزماً ومنتمياً إلى حزب الله لا بد له من العودة إلى المنبع الطاهر والفكر الأصيل لينهل منه القيم والمبادئ، ولا شك بأنه فكر محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم)، والذي عبّر عن بعض خصوصياته إمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما اعتبر أن أبناء حزب الله هم أصحاب النفوس التي أدّت الفرائض وسهرت الليل في طاعة الله تعالى، واتخذوا الأرض فراشاً والأكفّ وسادة خوفاً من حساب يوم القيامة، واشتغلت شفاههم بذكر الله تعالى وليس في ذكر عيوب الناس، فهؤلاء هم أبناء حزب الله حقاً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

2017-01-10