يتم التحميل...

الإقتار

العلاقة مع المجتمع

عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: ليس منّا من وسّع اللَّه عليه ثم قتّر على عياله. أ- في ظلال الحديث: الإقتار: القلة والتضييق في النفقة يقال: قَتَر عليه قتْراً. وقُتُوراً واقتر اقتاراً. قال تعالى: - وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا-

عدد الزوار: 57

عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "ليس منّا من وسّع اللَّه عليه ثم قتّر على عياله"1.

أ- في ظلال الحديث

الإقتار: القلة والتضييق في النفقة يقال: قَتَر عليه قتْراً وقُتُوراً واقتر اقتاراً2.

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(الفرقان:67).

الانفاق في طاعة اللَّه تعالى والجهات الواجبة أعظم نعمة على الإنسان وبه ورد الأمر في القرآن، فهو بحد ذاته من القربات الإلهية ويتأكد أكثر حين يكون واجباً شرعياً كنفقة الرجل على عياله وأولاده، ولم يترك الشرع المبين النفقة متأرجحة بين الاقتار والإسراف وإنما وضع لها ضوابط وموازين كما تقدم في الآية الحد الوسط بين هذين العنوانين المرفوضين وهو قوله عز من قائل: (وكان بين ذلك قواما).

وفي الحديث أن مولانا الصادق عليه السلام تلا هذه الآية فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده فقال: "هذا الاقتار الذي ذكره اللَّه عزّ وجلّ في كتابه ثم قبض قبضة أخرى فأرخى كفّه كلّها ثم قال: هذا الإسراف ثم أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال: هذا القوام"3.

وهكذا مولانا الكاظم عليه السلام لما سُئل عن النفقة على العيال، قال: "ما بين المكروهين: الإسراف والاقتار"4 أي الحد الوسط بينهما.

ب- الكفاية والتوسعة

الكفاية والتوسعة عنوانان في الفقه الإسلامي في بحث النفقة على العيال، والعنوان الأول واجب بينما الثاني مستحب.

1- وجوب كفاية العيال

قال رجل لأبي جعفر الباقر عليه السلام: إن لي ضيعة بالجبل اشتغلها في كل سنة ثلاثة آلاف درهم فأنفق على عيالي منها ألفي درهم وأتصدّق منها بألف درهم في كل سنة فقال أبو جعفر عليه السلام: "إن كانت الألفان تكفيهم في جميع ما يحتاجون إليه لسنتهم فقد نظرت لنفسك ووفقت لرشدك وأجريت نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصي به الحي عند موته"5.

وعن الصادق عليه السلام: "كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعوله"6.

وفي الحديث: "ملعون ملعون من ألقى كلّه على الناس، ملعون ملعون من ضيّع من يعول"7.

2- استحباب التوسعة على العيال

والمراد بالتوسعة التي لا تصل إلى درجة الإسراف.

حيث انه من الأخلاق الحميدة التي دعا إليها الإسلام وشجّع عليها أن يكون الرجل كريماً جواداً في نفقته العائلية والاهتمام بالحاجات البيتية ويقبح أن يبخل ويقف عند كل جزئية من حاجيات زوجته وأولاده ليفتح محضر استجواب طويل قبل أن يتخذ حكماً قضائياً ويصدر قراراً يصرّح به عن استحقاقهم أو عدمه لما يحتاجونه في حياتهم اليومية، ولقد أدّى اتصاف بعض الأزواج بهذه الصفة السيئة من البخل إلى هدم بيوتهم وتفكك أسرهم سيّما مع توسعة اللَّه تعالى عليهم وتضييقهم على عائلتهم.

ومن الأحاديث الشريفة التي تحث على توسعة النفقة على العيال. ما روي عن مولانا السجّاد عليه السلام: "ارضاكم عند اللَّه أسبغكم على عياله"8.

وفي الحديث: "إن عيال الرجل اسراؤه فمن أنعم اللَّه عليه بنعمة فليوسّع على اسرائه فإن لم يفعل أوشك أن تزول النعمة"9.

وعن النبي الكريم صلى الله عليه وآله: "إن المؤمن يأخذ بآداب اللَّه إذا وسّع اللَّه عليه اتّسع..."10.

ج- إهداء الأطفال

ليس خفياً على أحد ما تتركه الهدية من أثر ايجابي وتبديه من فرح على وجه الطفل، واهداء الأطفال أمر تربوي دلّنا عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأحبّ لنا التعامل به قبل أن تبدأ مراكز البحوث التربوية باكتشاف نتائجه الفعّالة في برنامج تربية الطفل.

ومن الصعب أن يقوم رب البيت بهذه المهمة التربوية التي تتطلب نفقة ولو يسيرة مع كونه مصاباً بمرض البخل والتضييق على بيته وأطفاله وبالإمكان القول أن تقتير الزوج في النفقة على أسرته ينتج مناخاً غير سليم، تطال آثاره السلبية الأساس البنيوي لتربية الأبناء فضلاً عن انزعاج الزوجة.

ألم نسمع ما قاله سيد البلغاء عليه السلام: "البخل جامع لمساوى‏ء العيوب وهو زمام يقاد به إلى كل سوء"11.

وهكذا يقود البخيل أسرته إلى كل سوء ويتسبب بأمراض نفسية وعقدٍ بالمقارنة مع الحياة الرغيدة التي يعيشها الآخرون.

ومن النصوص الشريفة التي دلّت على استحباب حمل الهدايا للأطفال ورتّبت على ذلك الثواب الجزيل، ما ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيث قال: "من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور فإن من فرّح ابنته فكأنما اعتق رقبة من ولد إسماعيل ومن أقرّ عين ابن فكأنما بكى من خشية اللَّه، ومن بكى من خشية اللَّه أدخله اللَّه جنات النعيم"12.

والملاحظة في هذا الحديث الشريف اهتمامه صلى الله عليه وآله حتى في كيفية توزيع الهدايا بعد إحضارها وأن يبدأ بالبنت قبل الابن، وما ذلك إلا لأساس متين وكافل تربوي يدفع فكرة قد تعكّر صفو البنت وتزعجها بأن أخاها أفضل منها وأقرب إلى أبيها، لأنه ذكر بينما هي أنثى فكان البدء بتوزيع الهدايا من البنت عاملاً مساعداً لصناعة شخصية البنت.

*صفات الموالين ، إعداد ونشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية ، طـ 1،محرم 1424هـ، ص 96-102


1-عوالي اللئالي، ص‏255.
2- مجمع البحرين، ج‏3، ص‏447.
3- نور الثقلين، ج‏4، ص‏29، حديث 104.
4- نفس المصدر. حديث 105.
5- وسائل الشيعة، كتاب النكاح باب وجوب كفاية العيال، حديث 1.
6- المصدر نفسه. حديث 4.
7- المصدر نفسه. حديث 5.
8- المصدر نفسه. باب استحباب التوسعة على العيال، حديث 2.
9- المصدر نفسه. حديث 7.
10- المصدر نفسه. حديث 4.
11- البحار، ج‏73، ص‏307، حديث 36.
12- وسائل الشيعة، كتاب النكاح، باب 3، حديث 1.
2009-08-20