يتم التحميل...

بنود رؤية ومنهج الإمام الخامنئي لمواجهة الحرب الناعمة

الحرب الناعمة

سنحاول إجراء دراسة لخطابات سماحته على ضوء نظرية القوة الناعمة مع دعم كل خطاب بما تيسر من مستندات ووثائق أميركية وغربية المصدر تثبت دقته وإصابته للحقائق وتطابقها مع ما كشفته الأحداث والمعطيات.

عدد الزوار: 11

سنحاول إجراء دراسة لخطابات سماحته على ضوء نظرية القوة الناعمة مع دعم كل خطاب بما تيسر من مستندات ووثائق أميركية وغربية المصدر تثبت دقته وإصابته للحقائق وتطابقها مع ما كشفته الأحداث والمعطيات.

يمكن على ضوء تحليل وفرز وتصنيف خطابات السيد القائد التي تحدث فيها عن الحرب الناعمة، والخطابات ذات الصلة بالحرب النفسية والثقافية والإعلامية إستخلاص اثني عشر عنواناً ومحوراً تشكل بمجموعها الرؤية الإستراتيجية التي شيدها سماحته لمواجهة الحرب الناعمة. كما تصلح أيضاً كعنوان عام لرؤية ومنهج سماحته في مواجهة الحرب النفسية والثقافية والفكرية والإعلامية، نظراً للترابط الوثيق بين هذه المفردات والعناوين في الخطابات وفق الأساس المنهجي الذي بيناه سابقاً..

وسنحاول في هذه الدراسة التفصيلية دعم كل خطاب بما تيسر من نصوص وتصريحات ومستندات ووثائق أميركية وغربية على قاعدة "من فمك أدينك" وهي تثبت إصابتها للحقائق وتطابقها مع ما كشفته الأحداث والمعطيات.

وقد حاولنا فيها تلخيص وإجمال ما تحدث به سماحته فجاءت وفق العناوين الآتية:
1ـ الاقتناع والإيمان الحقيقي بأصل وقوع الحرب الناعمة وديمومتها
2ـ الفهم الصحيح لطبيعة الحرب الناعمة وآليات عملها
3ـ الوحدة والانسجام
4ـ البصيرة في تشخيص القضايا والاحداث
5ـ الحضور في الساحة ومواصلة البرامج وحسم المواقف
6ـ معرفة أهداف الحرب الناعمة وإحباطها
7ـ رصد مواقف وحركة العدو وسد مواطن الضعف في جبهتنا
8ـ تنمية الإعلام الإسلامي وصناعة النموذج البديل للنموذج الأميركي والغربي
9ـ دور أساتذة وطلاب الجامعات كقادة وضباط في مواجهة الحرب الناعمة
10ـ هندسة وتأصيل وعصرنة مناهج العلوم الجامعية والحوزوية
11ـ الجهاد الاقتصادي بأبعاده الثلاثة التنمية والعدالة وترشيد الاستهلاك
12ـ الإعتقاد أن الشيطان هو أول من استعمل أسلوب الحرب الناعمة.

الاقتناع والإيمان بأصل وجود الحرب الناعمة وديمومتها
لا بد في البداية من الاقتناع الحقيقي والصحيح بأصل وجود وقيام الحرب الناعمة ضد النظام الإسلامي في إيران على وجه الخصوص وبمواجهة الصحوة الإسلامية في العالم على وجه العموم. ولا بد من الإقتناع بديمومتها أيضاً، ويجب الفهم العميق لطبيعتها ولآليات واستراتيجيات وتكتيكات عملها، حيث يتبين من خلال تحليل مضمون خطابات سماحته حجم تركيزه على هذه النقطة المفصلية والمحورية. فالحرب الناعمة منظومة متكاملة، وما لم يقتنع ويلتفت صانع القرار الإسلامي وكل متصدٍ للمسؤولية إلى أصل وجود هذه الحرب الناعمة وإلى ديموتها واستمراريتها فلن يستطيع اكتشاف وتلمس المخططات ورؤية عمل العدو، ولن يستطيع معرفة وتحديد الأدوار المطلوبة من الأشخاص والمؤسسات والدول والمنظمات ووسائل الإعلام المعادية، وبالتالي لن يستطيع تمييز ومعرفة مدى خدمة تحركاته وخطواته لأهداف العدو، وسيبقى أعمى البصيرة عاجزاً عن الرؤية يتخبط بدون سبيل واضح.

فالسيد القائد تحدث عن نقطتين وسمتين مترابطتين في هذا المضمار هما "الحرب الناعمة حرب معقدة" و "الحرب الناعمة حرب سرية تعتمد على الخداع" فهاتان الصفتان من أهم صفات وميزات الحرب الناعمة.

قال سماحته مشيراً الى سمة التعقيد في هذه الحرب "إن مؤامرات ومخططات المعارضين أصبحت أكثر تعقيداً وتستدعي معرفة مختلفة الأبعاد والجوانب"1.

وأضاف في مجال متطابق "لو كان بامكان الأميركيين والبريطانيين والصهاينة إنزال عناصرهم الى الشوارع بغية تحقيق مآربهم لفعلوا ذلك حتماً ولكنهم يعرفون أن ذلك يلحق الضرر بهم ولذلك خاضوا الحرب السياسية والإعلامية لكي يتمكنوا من حرف أذهان الرأي العام على الصعيدين الداخلي والخارجي"2.

وفي خطبة ثانية قال سماحته مؤكداً على الجانب المعقد لهذه الحرب "العدو ومن خلال مخطط معقد أعده بمساعدة خبراء محليين كان يستهدف إيجاد بلبلة واضطرابات في مدينة قم المقدسة - بما لها من رمزية دينية وسياسية- بهدف تحويلها من مركز وقاعدة للثورة والنظام الإسلامي إلى بؤرة مناهضة للثورة والنظام"3.

وقال مشيراً إلى خاصية السرية والمكر "الحرب الناعمة حرب حقيقية في عالمنا المعاصر، رغم أن بعض الأشخاص ربما لا يرونها"4 لأن العدو تارة يظهر بلباس الذئاب وتارة بلباس الثعالب وتارة بمظهر عدائي عدواني وتارة بمظهر مخادع5. وقال في خطبة ثالثة: "الحرب الناعمة مثال على الحرب الخفية"6.

وفي خطبة أخرى قال سماحته "يتعين تشخيص الحقيقة في هذه الأجواء الملبدة أولاً وإضفاء حالة من البصيرة على البيئة المحيطة ثانياً"7.

وأضاف في إشارة ذات مغزى إلى أن "الشباب الجامعيين هم ضباط الحرب الناعمة امام مؤامرات الغرب المعقدة"8.
ويتطابق هذا الكلام مع نصوص نظرية القوة الناعمة، فهذا جوزيف ناي بنفسه يتحدث عن التعقيد والسرية فنراه يقول "إن القوة الناعمة هي أكثر من القدرة على الإقناع أو الاستمالة. هي القدرة على الجذب بدون أن تظهر هذه الجاذبية للعيان بصورة ملموسة. وينبغي على الحكومة الأمريكية أن تستعمل كل الوسائل بما فيها الإمكانات الخاصة غير الحكومية كي لا تظهر في خلفية الصورة"9. ونصح جيمس غلسمان أحد أركان الإدارة الأميركية بإسناد الحرب الناعمة على إيران إلى أطراف ثالثة لأجل التمويه والخداع.

إذاً، الحرب الناعمة ليست من المقولات المشخصة البديهية كي يراها ويؤمن بها المراقب بسرعة لمجرد تصورها أو الحديث عنها، بل هي من النوع الذي يحتاج إلى الرصد والمتابعة الدقيقة والحثيثة لحركة العدو كي تتضح وتتشخص أمامه المخططات، وإلا لو كانت هذه الحرب من النوع الكلاسيكي التقليدي لأصبحت حرباً عسكرية حسية وصلبة يراها ويشعر بها الجميع بسهولة ووضوح تام. ومن هنا خطورة الحرب الناعمة، حيث لا يتفق الجميع في خضم المعركة على تشخيص مخططات وأهداف العدو وتحديد بوصلة المعركة "فالعدو ينتظر غفلة الناس والمسؤولين لينفذ مخططاته" كما قال سماحة القائد10.

من هنا أهمية الإيمان بأصل وجود هذه الحرب وأنها بدأت فعلاً، وأنها ستستمر إلى أمد بعيد حتى يحسم أحد الطرفين فوزه ونصره على الطرف الآخر. وحسب تعبير السيد القائد لا "حتى يصل العدو إلى اليأس وتصبح أحلامه بالفوز وإلحاق الضرر بإيران بمستوى يعادل الصفر"11.

وقد دأب قادة الحرس الثوري الإسلامي وقادة القوات المسلحة الإيرانية على التحذير من الحرب الناعمة وتأكيد مبدأ ديمومتها في المرحلة المنظورة، فقال العميد مسعود جزائري مساعد الشؤون الثقافية والإعلام الدفاعي في قيادة الأركان العامة للقوات المسلحة "علينا القبول بأن الحرب الناعمة مستمرة وعلينا معرفة هذه الحرب جيداً، لأن التناقض موجود ماهوياًً وجذرياً بين نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وبين نظم الهيمنة الدولية وهذه الحرب ستتواصل لحين يؤسس النظام الاسلامي معايير قوته في ذاته وتصل انظمة الهيمنة الى الأضمحلال والأفول، وينبغي الإهتمام بمعرفة هذه الحرب وهي مسألة ضرورية ومن الأولويات للنخب والشباب، ومعرفة هذه الحرب تتحقق عبر ثلاثة أساليب هي الرصد والمطالعة والتحرك والمطالبة"12.

وقد كشفت الأحداث التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في إيران وجود الحرب الناعمة وأن التخريب الذي حصل كان معداً ومخططاً له وجرى ترتيبه منذ سنوات للوصول به إلى هذه الغاية. وهذا ما دفع سماحة السيد القائد لأن يطلق عليها "الخطة العشرية " أي إن الخطة حضر وأعد لها منذ عشر سنوات على الأقل13 وهي ليست وليدة اللحظة والساعة كما يقال.

وهذا ما أكدته وكشفته المعطيات التي أقر بها من أعتقل من المشاركين في صناعة أحداث الفتنة، وقد أعتراف بعضهم بعقد لقاءات مع ممثلين عن مؤسسات أمريكية تابعة لرجل الأعمال اليهودي "جورج سوروس" ولقاءات مع مؤسسات إعلامية بريطانية خاصة قناة BBC الفارسية للتنسيق مسبقاً حول فبركة أخبار كاذبة عن "عمليات تزوير واسعة في حال خسر المرشح الإصلاحي" وهذه الخطوات تم تدبيرها قبل موعد الانتخابات بفترة طويلة14.

*رؤية الإمام الخامنئي في مواجهة الحرب الناعمة ، سلسلة الندوات الفكرية ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


1- خطبة لسماحته اثناء استقبال اعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 24/9/2009
2- خطاب للسيد القائد بتاريخ 22/3/2010
3- خطبة لسماحته أمام الطلبة بتاريخ 26/10/2010.
4- خطبة لسماحته أثناء احتفال ولادة الإمام الحسن ‰ بتاريخ 5/9/2009
5- خطاب للسيد القائد بتاريخ 22/3/2010
6- خطاب لسماحة السيد القائد لدى استقباله قوات التعبئة بتاريخ 24/10/2010
7- خطاب لسماحة القائد أمام حشود الطلبة بتاريخ 26/10/2010
8- خطاب لسماحته أمام الطلبة بتاريخ 26/10/2010
9- القوة الناعمة. مصدر سابق ص 27 وص 169.
10- خطاب لسماحتة القائد بتاريخ 29/5/2011
11- خطاب لسماحة القائد امام حشود من الشباب والطلاب بتاريخ 26/10/2010
12- تصريح للعميد مسعود جزائري. وكالة تابناك الايرانية / 3 كانون الاول 2011 www.tabnak.ir.
13- خطاب لسماحة القائد في ذكرى وفاة الامام الخميني لإ بتاريخ 4/6/2011
14- يراجع حول هذه النقطة ما نشرته مواقع القنوات الايرانية، ومقالة محمد صادق الحسيني تحت عنوان "انهيار خطة سوروس لفتح طهران" بتاريخ 27/8/2009 المنشورة على موقع WWW.kasion.org

2015-08-27