يتم التحميل...

اتجاهات الناس نحو السعادة

إضاءات إسلامية

لقد بحث الناس عن سعادتهم في أمور شتَّى فسعوا لتحصيلها جاهدين؛ لعلّهم يصلون إلى السعادة المبتغاة. ولكن النتيجة لم تكن كما توقعوا.

عدد الزوار: 6

لقد بحث الناس عن سعادتهم في أمور شتَّى فسعوا لتحصيلها جاهدين؛ لعلّهم يصلون إلى السعادة المبتغاة. ولكن النتيجة لم تكن كما توقعوا.

وإليك النماذج الآتية:
المال والسعادة
لن أكون غير واقعي لأنفي دور المال في تحصيل السعادة. نعم المال قد يحصِّل السعادة. لكن الكلام في نسبة السعادة التي قد يحصلّها المال.

وفي كتاب خبير الاقتصاد الأمريكي بول زان بيلزر "ثورة العافية" يقول: "مع أنَّ أغلب الناس الآن أفضل مالياً كثيراً مما كان عليه آباؤهم وأجدادهم, فإنَّ مستويات السعادة لم تتغير... وتظهر الدراسات أنَّه بمجرَّد توافر الاحتياجات الأساسية مثل المأوى والطعام, فإنَّ المزيد من المال لا يضيف سوى القليل من السعادة"1.

ويقول الخبير الاستراتيجي جيمس مونتيه: "طائفة عريضة من الأفراد يبالغون كثيراً في أهمية دور المال في تحقيق السعادة لهم وللآخرين... منذ الخمسينيات ومستويات سعادة الناس كما هي لم تتغيَّر بصورة ملحوظة, رغم النمو الكبير في دخل الفرد خلال الفترة نفسها"2.

الشهرة والسعادة

ولأنَّ المال لا يروي ظمأ الباحث عن السعادة، نُلاحظ أن أصحاب الأموال يتجهون نحو تحصيل أمر آخر لعلّهم يروون ظمأهم به ويصلون إلى السعادة المبتغاة من خلاله. وقد يكون ما يرون فيه إرواءً لهذا الظمأ هو الشهرة والجاه.

ولعلّه لأجل ذلك نجد كثيراً من الأغنياء ينفقون الأموال الطائلة على أمور تشدُّ أنظار الناس إليهم ليكون لهم الوجاهة والشهرة, فيقيمون الحفلات والولائم, وينشئون المشاريع الجاذبة لأنظار الناس لأجل وجاهة وشهرة يريدون بِهِما سعادة يسعون إليها.

نعم قد يشعر هؤلاء بلذَّة ومتعة لحظية في ما يفعلون, إلاَّ أنهم لا يجدون السعادة المبتغاة.

وممّا يؤشِّر إلى ذلك دراسة علمية نشرتها مجلة إنكليزية مختصّة بالطب النفسي تبيّن وجود اكتئاب وقلق وعدم سعادة يعاني منها الكثير من مشاهير العالم, وفي النسب ذكرت المجلة التصنيف التالي للمشاهير المكتئبين:
-  72% من الكتَّاب الروائيين.
-  41% من الفنانين.
-  34 % من الموسيقيين.

كما ذَكَرت المجلّة أنّ عدداً من هؤلاء انتحر, وعدداً آخر أُدخل المصحَّات النفسية.
ومن تصريحات هؤلاء قول الأديب الألماني جوته عن حياته: "لم تكن إلا ألماً وعبئاً"

السلطة والسعادة

ولعلّه لما تقدّم لا يكتفي من وصل إلى الجاه والشهرة بما وصل إليه، فيسعى نحو أمرٍ آخر يبتغي من خلاله سعادته، وقد يكون هذا الأمر هو السلطة والحكم, فلعلّهما يرويان ظمأ ذلك الغني المشهور, فتجده يسعى بكلّه للوصول إلى الحكم, وحينما يصل إليه لا يتروى ظمؤه رغم تمسّكه بما وصل إليه من سلطة, لذا يحاول أن يتوسّع في سلطته ويتوسَّع, ولكن كما يقول أحد الحكماء: "لو ملك الإنسان الأرض, لنظرت عيناه إلى السماء".

وعن تجربة هؤلاء الحكّام تنقل المجلة السابقة أنَّ 41% من السياسيين المشهورين في العالم يعانون من الاكتئاب والقلق والشعور بعدم السعادة.

وقد عبّر وينستون تشرشل عن هذا الأمر قبيل وفاته بقوله: "لقد أنجزت الكثير, ولكنني لم أكسب في النهاية شيئاً".

* كتاب هكذا تكون سعيداً، سماحة الشيخ أكرم بركات.


1- جريدة السفير, 30 حزيران, 2004م.
2- المرجع نفسه.

2014-04-21