يتم التحميل...

حقوق الزوجة

العلاقات الزوجية

لقد وضع الشرع المقدس حقوقاً لكل من الرجل والمرأة في علاقتهما الزوجية، وهذه الحقوق لها العديد من الأهداف فهي تمنع الوقوع بالظلم والإجحاف من جهة، ومن جهة ثانية تعتبر المرجعية عند الوقوع في الخلاف، مع ملاحظة أن الأساس في العلاقة بين الزوجين هو التفاهم والتسامح.

عدد الزوار: 28

تمهيد
لقد وضع الشرع المقدس حقوقاً لكل من الرجل والمرأة في علاقتهما الزوجية، وهذه الحقوق لها العديد من الأهداف فهي تمنع الوقوع بالظلم والإجحاف من جهة، ومن جهة ثانية تعتبر المرجعية عند الوقوع في الخلاف، مع ملاحظة أن الأساس في العلاقة بين الزوجين هو التفاهم والتسامح.

التفاوت بين الرجل والمرأة
يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، كلمة ﴿مِنْ أَنْفُسِكُم لإيضاح أن مسألة الاثنينية غير موجودة، فلا توجد نظرة خاصة للرجل ونظرة خاصة للمرأة، إنما نظرة لها علاقة بخلقهما، وهي نظرة مشتركة متساوية لكل منهما.ولكن هذا لا يعني عدم وجود فارق بين الرجل والمرأة، بل هناك تفاوت بينهما في الاستعدادات الجسمية والنفسية، من دون أن يكون لهذا التفاوت ارتباط بالنقص أو الكمال، فقد استهدف قانون التكوين بهذا التفاوت جعل تناسب أكبر بين الرجل والمرأة اللذين خلقا لحياة مشتركة.

أشكال التفاوت
إن البحث عن وجود تفاوت بين الرجل والمرأة ليس جديداً، بل نجده في عمق التاريخ، ففي حين يرفض أفلاطون وجود تفاوت كيفي بين الرجل والمرأة، يؤكد تلميذه أرسطو وجود هذا التفاوت حيث يقول: تختلف نوعية استعدادات المرأة عن الرجل كما تتفاوت الوظائف والمسؤوليات التي وضعها قانون التكوين على عاتق كلٍ منهما، وتختلف الحقوق التي يستدعيها لكل منهما في موارد عدة.وقد رجح العلماء والفلاسفة الذين جاؤوا بعد أرسطو نظرياته على نظريات أفلاطون1.

وأما اليوم وفي ظل التقدم العلمي أصبح التفاوت بين المرأة والرجل محدداً وواضحاً، وذلك اعتماداً على الملاحظة والتجربة والإحصاء والدراسة الميدانية. ونذكر مجموع الاختلافات القائمة التي وقعت بأيدينا مما أنجزه المحققون:

من الزاوية الجسمية
1- الرجل بشكل عام ضخم البنية، والمرأة ليست كذلك.
2- الرجل أخشن والمرأة ألطف، صوت الرجل أضخم وأكثر خشونة وصوت المرأة ألطف وأكثر نعومة.
3- المرأة أسرع نمواً من الرجل. إلا أن النمو العضلي للرجل أكبر من نمو المرأة العضلي والبدني.
4- المرأة أسرع إلى البلوغ الجنسي من الرجل كما أنها أسرع منه في العجز عن الإنجاب.
5- البنت أسرع من الصبي إلى النطق.
6- متوسط دماغ الرجل أكبر من متوسط دماغ المرأة، مع أخذ نسبة الدماغ إلى مجموع البدن بعين الاعتبار.
7- رئة الرجل تستوعب حجماً أكبر من الهواء.
8- ضربات قلب المرأة أسرع من ضربات قلب الرجل.

من الزاوية النفسية
1- يميل الرجل أكثر من المرأة إلى الألعاب الرياضية والصيد والأعمال الحركية.
2- إحساسات الرجل معارضة وحربية وإحساسات المرأة سلمية، تحجم المرأة عن استخدام العنف ضد الآخرين ومع نفسها ولذا تنخفض نسبة الانتحار بين النساء. والانتحار عند الرجال أبشع حيث يتوسل هؤلاء بإطلاق النار والقذف بأنفسهم من شاهق، بينما تتوسل النساء بالأقراص المنومة والمواد المخدرة.
3- المرأة أكثر انفعالاً من الرجل، أي أنها تخضع تحت تأثير أحاسيسها بشكل أكبر من الرجل.
4- تميل المرأة بشدة إلى الجمال والزينة والأزياء المختلفة على عكس الرجل.
5- المرأة أكثر حيطة من الرجل، وأكثر خوفاً.
6- عواطف المرأة أمومية، ويظهر هذا الإحساس منذ مرحلة الطفولة، و للمرأة علاقة أكبر بالأسرة وهي تلتفت بشكل غير شعوري لأهمية محيط الأسرة قبل الرجل.
7- لا تصل المرأة بشكل عام حد الرجل في العلوم البرهانية والمسائل العقلية الجافة، إلا أنها لا تقل عنه في مجال الأدب والفن وسائر المسائل المرتبطة بالذوق والعاطفة.
8- الرجل أكبر قدرة على كتمان السر، وكتمان الأخبار المزعجة في داخله ولذا هو أسرع للابتلاء بالمرض الناشىء جراء كتمان السر.

من زاوية العواطف المتبادلة
يبتغي الرجل مصاحبة المرأة وأن يجعلها تحت تصرفه، والمرأة تريد امتلاك قلب الرجل والسيطرة عليه عن طريق قلبه، فهو يريد التسلط عليها من فوق وهي تريد النفوذ إلى داخل قلبه.تريد المرأة من الرجل الشجاعة والرجولة، وهو يريد منها الجمال والعاطفة.

التناسب لا التساوي
على ضوء ما تقدم من الفرق بين الرجل والمرأة، يتضح أن ما يناسب المرأة قد لا يكون مناسباً للرجل والعكس صحيح، وبناء عليه فليس المطلوب أن نسري واقع المرأة إلى الرجل أو واقع الرجل إلى المرأة بل المطلوب أن نعطي كلاً منهما ما يناسبه ويناسب صفاته الجسمية والنفسية، فالمطلوب هو التناسب لا التساوي بينهما.

حقوق الزوجة
يلخص الإمام زين العابدين عليه السلام حقوق الزوجة فيقول:"وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإنَّ لها عليك أن ترحمها"2.


وأما تفصيل الحقوق الذي ذكرها العلماء للزوجة فهي
1- النفقة
والنفقة تكون من خلال عدة أمور هي

أ- الطعام: والمقصود أن يكون بما هو المتعارف من الإطعام بلا تبذير ولا شح، بل يكون الإطعام بما يتناسب مع العرف وبما هو لائق بأمثالها، يقول الإمام الخميني قدس سره: "فأما الطعام فكميته بمقدار ما يكفيها لشبعها، وفي جنسه يرجع إلى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها والموالم الوليمة لزواجها وما تعودت به بحيث تتضرر بتركه"3.وحتى بالنسبة إلى الفاكهة، فإن على الزوج أن يؤمن لها ما هو المتعارف وما يليق بشأنها من فاكهة المواسم المختلفة يقول الإمام الخميني قدس سره: "وأولى بذلك المقدار اللازم من الفاكهة الصيفية التي تناولها كاللازم في الأهوية الحارة، بل وكذا ما تعارف من الفواكه المختلفة في الفصول لمثلها"4.إلا أن على الرجل أن لا يغفل على أن المقدار الذي ذكرناه إنما هو أدنى الواجب أما المستحب وما ندب إليه الشرع المقدس فهو أن يسبغ على العيال ففي الرواية عن الإمام زين العابدين عليه السلام: "إن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله"5.

ب- اللباس: وكذلك عليه أن يؤمن لها الملبس المناسب بشأنها، وبما هو المتعارف، وكذا عليه أن يؤمن لها الملبس المناسب للشتاء وللصيف، يقول الإمام الخميني قدس سره: "وكذلك الحال في الكسوة، فيلاحظ في قدرها وجنسها عادة أمثالها وبلد سكناها والفصول التي تحتاج إليها شتاء وصيفا"6.

ج- السكن: عليه أن يؤمن لها مسكناً مناسباً بحالها، فيه المنتفعات الأساسية، وليس لها أن تشترط أن يكون مملوكاً بل عليه أن يؤمن السكن فقط ولو بالإجارة.ويمكن للزوجة أن تطالب بالتفرد أي أن تكون منفردة بالسكن، أي لا يدخل معها في البيت سواها، يقول الإمام الخميني قدس سره: "وتستحق في الإسكان أن يسكنها داراً تليق بها بحسب عادة أمثالها، وكانت لها من المرافق ما تحتاج إليها، ولها أن تطالبه بالتفرد بالمسكن عن مشاركة غير الزوج ضرة أو غيرها، من دار أو حجرة منفردة المرافق، إما بعارية أو إجارة أو ملك..."7.

وأما الفرش في البيت فبالشروط السابقة، أي أن يكون مناسباً لحالها وشأنها، "وأما الإخدام فإنما يجب إن كانت ذات حشمة وشأن ومن ذوي الإخدام، وإلا خدمت نفسها، وإذا وجبت الخدمة فإن كانت من ذوات الحشمة بحيث يتعارف من مثلها أن يكون لها خادم مخصوص لا بد من اختصاصها به، ولو بلغت حشمتها بحيث يتعارف من مثلها تعدد الخادم فلا يبعد وجوبه... والأولى إيكال الأمر إلى العرف والعادة في جميع المذكورات، وكذا في الآلات والأدوات المحتاج إليها، فهي أيضا تلاحظ ما هو المتعارف لأمثالها بحسب حاجات بلدها التي تسكن فيها"8.

من خلال ما تقدم من الحديث عن النفقة نستنتج بعض الأمور
1- ليس للمرأة التي ليس من شأنها أن يكون لها خادمة أن تطالب زوجها بخادمة، حتى لو كانت في حاجة إليها، إلا أنه من الأخلاقيات إذا كان قادراً أن يؤمِّن لها خادمةً.

2- ليس للزوجة أن تطالب زوجها بشراء الألبسة التي لا تليق بشأنها، من الأنواع الغالية والثمينة وكذا المجوهرات وغير ذلك.

3- إن ما تطلبه الزوجة من زوجها كتملك شقةٍ، لا موجب له شرعاً بالنسبة للزوج بل إن الإجارة أو الاستعارة هي الواجب عليه ولا شيء آخر.

2- الوصال
المواقعة هي الحق الثاني من حقوق الزوجة، فإنه يجب على الزوج أن يواقع زوجته مرة في الأربعة أشهر، نعم يستحب له أن يقضي حاجتها، بل الأحوط وجوب ذلك إذا كانت في معرض المعصية لو لم يواقعها9.وينبغي أن يتهيأ الرجل لزوجته، كما وردعن الإمام الكاظم عليه السلام، حيث يروي الحسن بن جهم قال: رأيت أبا الحسن اختضب، فقلت: جعلت فداك اختضبت؟ فقال: نعم، إن التهيئة مما يزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفة بترك أزواجهن التهيئة، ثم قال: "أيسرك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت: لا، قال: فهو ذاك"10.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها"11.كما أن المكوث في البيت مع العيال من الأمور التي دعا لها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ففي الرواية عنه: "جلوس المرء عند عياله أحب إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا"12.وكثيرا ما نسمع عن زوجة يغيب عنها زوجها بسبب العمل لفترات، وعندما يعود لا يبقى ليجلس معها فترات كافية بالنسبة إليها لتشعر بوجوده وتعوض عن فترة غيابه، بل يبادر إلى السهرات الطويلة بعيداً عنها، ويخرج إلى النزهات لوحده كمن لا مسؤولية عليه.

*الزواج الناجح, نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية, ط1، 2006م-1427هـ-ص:37-44.


1- راجع نظام حقوق المرأة في الإسلام للشهيد مرتضى مطهري صفحة 159 وما بعدها.
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1158.
3- تحرير الوسيلة، السيد الخميني، ج2، ص315.
4- تحرير الوسيلة، السيد الخميني، ج2، ص315.
5- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1188.
6- تحرير الوسيلة، السيد الخميني، ج2، ص316.
7- تحرير الوسيلة، السيد الخميني، ج2، ص316.
8- تحرير الوسيلة، السيد الخميني، ج2، ص316.
9- من الاستفتاءات المرسلة إلى سماحة السيد علي الخامنئي دام ظله الوارف، وقد أجاب عنها بخطه.
10- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1158.
11- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1158.
12- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1186.

2010-04-20