يتم التحميل...

البيت الزوجي المقدس

العلاقات الزوجية

إن البيت الذي يخدم أفراده بعضهم البعض، والذي تقام فيه الصلاة والصيام وذكر الله، ويقرأ فيه القرآن صباحاً ومساءً ولا تسمع منه غير أصوات الدعاء، عظيم، وعظيم جداً عند الله، ومبارك لأهله، وهو عند أهل السماء كالكوكب اللامع الذي يضئ لنا دروب النجاة في الليل الدامس.

عدد الزوار: 15

لقد حثّ القرآن الكريم، وروايات أهل بيت الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على التخلّق بالأخلاق الفاضلة في البيت، وامتدحوا البيت الذي ترى الألفة فيه والانسجام.

إن البيت الذي يخدم أفراده بعضهم البعض، والذي تقام فيه الصلاة والصيام وذكر الله، ويقرأ فيه القرآن صباحاً ومساءً ولا تسمع منه غير أصوات الدعاء، عظيم، وعظيم جداً عند الله، ومبارك لأهله، وهو عند أهل السماء كالكوكب اللامع الذي يضيء لنا دروب النجاة في الليل الدامس.

وإن البيت الذي لا يُرى فيه غير العداوة والبغضاء، وعدم الانسجام والالتئام ولا يسمع منه صوتٌ للصلاة، ولا يقرأ فيه القرآن الكريم، ولا يدعى فيه إلاّ بدعوات الشر، بيت غير مبارك، وان الشياطين لتغدو وتروح فيه، وان الملائكة لتنفر وتهرب من هكذا بيوتات وضيعة، عكس تلك البيوتات المقدسة التي قال فيه الباري في محكم كتابه الحكيم: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُه1.

هذه البيوت يرفعها الباري تعالى معنوياً، كون ساكنيها يذكرون الله كثيراً من خلال التسبيح والدعاء الذي تسمعه ملائكة الله في عالم الملكوت.

إن لهذه الآية معنيين أحدهما ظاهري والآخر تأويلي، فالظاهري يعني: أن هذه البيوت مقدسة مثل المدارس والمساجد، لأن الذين يسكنون فيها مقدّسون، كونهم من المصلين والصائمين الذاكرين الله كثيراً، وانهم مبتعدون عن المعاصي والآثام والاختلافات والنزاعات التي تذهب بركة تلك البيوت.

أما المعنى التأويلي الذي قال به الأئمة الطاهرون سلام الله عليهم فهو: إن لفظ البيوت لا يعني هذه البيوت المصنوعة من الطابوق أو الطين، بل عنى سبحانه وتعالى بها الأبدان المقدسة للمؤمنين، والأفراد الذين بلغوا الكمال من مثل النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة الطاهرين عليهم السلام.

دخل قتادة على الإمام الباقر محمد بن عليّ عليه السلام فشعر باضطراب في نفسه وذلك من هيبة وأبّهة الإمام سلام الله عليه، حينئذٍ قال: يا بن رسول الله لقد جلست إلى العلماء كثيراً، لكنني لم اضطرب مثلما اضطربت لديك؟ فقال الإمام عليه السلام: "هل تعلم أنت بين يدي من؟ أنت بين يدي بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"2.

إن هذا المعنى التأويلي لا يفهمه إلاّ الأئمة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنهم من يُفسِّر القرآن الكريم الذي له معنيان: ظاهري والذي هو حجّة على الجميع، وباطني يفهمه من له استعداد وقابلية على فهم ذلك الباطن.

نقل المرحوم الكليني رضوان الله عليه في "الكافي" وبالتحديد في كتاب فضل القرآن روايات عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار من أهل بيته عليهم السلام من جملتها الرواية التالية:

قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: "إن البيت الذي يقرأُ فيه القرآنُ، ويُذكر الله عز وجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض، وإن البيت الذي لا يقرأُ فيه القرآن ولا يذكر الله عز وجل فيه تقلُّ بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين".

إن الدار التي يعصى فيها الباري تباركت أسماؤه، دار لا يسمع فيها غير أصوات النزاع والصراع، وإن أبناء تلك الدار لا يمكن أن يكونوا أبناء نافعين أو صالحين لأنهم كبروا على الخلافات والاختلافات، فأنى لهم أن يفكروا بنعم الله عليهم؟ وكيف يتأتى لهم أن يكونوا من ذوي القابليات والإستعدادات؟

فإذا أراد الإنسان أن تكون داره مقدسة، عليه أن يهتم بالصلاة والصيام والذكر والدعاء وقراءة القرآن، وإذا رام أن تكون داره مباركة، فما عليه إلاَّ أن يحذر عمل المعاصي والآثام في تلك الدار، ويحاول جهد الإمكان تربية أبنائه وفق المناهج الإسلامية السامية التي جاء بها الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار سلام الله عليهم.

فالبيت المبارك، والمال المبارك، والعمر المبارك، والأولاد المباركون، لا ينالون إلا من خلال الابتعاد عن المعاصي، وقد أخبرتنا الروايات المتواترة عن أئمة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن البيت الذي يعصى فيه الله لن يبارك فيه، وكذا بالنسبة للعمر الذي يوظف لذلك البيت، والمال الذي يصرف في ذلك البيت، والأولاد الذين يتربون في ذلك المكان الموبوء،كل هذا وذاك لن يكون مباركاً ما دام يتصل بتلك الدار التي تحيط بها الشياطين من كل جانب، بل وتغدو فيها وتروح، والتي هجرتها الملائكة إلى غير رجعة.

إن جملة "ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض" تعني أن تلك الدار التي يكون فيها قراءة القرآن وذكر الله بعيداً عن المعاصي والآثام تضيء لأهل السماء من الملائكة، عندها تستفيد الملائكة من تلك الدار، وتلتذّ بالدخول والخروج إليها منها، على العكس من تلك الدار التي حوت على كلب يُلْعَب معه، ويُؤكَل معه.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إنّ جبرئيل أتاني فقال: إنّا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه كلب.."3.

إن هذه الرواية تحمل في طيّاتها ثلاثة معانٍ، الأول ظاهري وهو: إذا اقتنى شخص كلباً ليتركه في الدار بدون تقييد، وبدون أن يكون مراده منه الحراسة كما يفعل الغربيون، أو التابعون للغرب، والمتشبّهون بهم، حشره الله يوم القيامة مع يزيد الذي كان يلعب مع الكلاب والخنازير.

وعليه تكون هكذا أنواع من الكلاب سبباً في عدم ورود الملائكة إلى تلك الدار، وهذا المعنى كما ذكرنا ظاهري كما يبدو.

يوجد هناك معنًى آخر وردنا عن أئمة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو أن المقصود من البيت، قلب الإنسان، أي أن القلب الحامل للصفات الرذيلة لا يدخله نور الله بالمرة، ولا تتواجد فيه الملائكة.

إن الملائكة توحي للإنسان، ذلك الإنسان الذي خلا قلبه من الكلاب، من الوحشية، من الحسد والمنّة والتكبر والعجب، وهذا معنى لطيف لهذه الرواية.

أما المعنى الثالث لهذه الرواية التي ترتبط ببحثنا هذا فهو:

إن البيوت التي تكون فيها النزاعات والاختلافات لن تكون محلاًّ لذهاب وإياب الملائكة، أي أن الذي تكون روحه وحشية، ونفسيته عدوانية يكون محل سكنه طريقاً لذهاب وإياب الشياطين، وهذا المعنى قريب من تلك الرواية.

على أية حال، إن أحد هذه المعاني الثلاثة سيكون ما عنته تلك الرواية التي وردتنا عن النبيّ الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى حد قولنا نحن الطلبة: الجمع مهما أمكن أولى من الترك.

أظنّ أن بحثنا هذا كان مفيداً وجيّداً ونافعاً، ولكنه لا يخلو من التحذير! فلو تأتى أن لا تعبر الملائكة من عندنا، ولا تمرّ بدورنا، ولو لم تكن يد الله الرحيمة فوق رؤوسنا، ولو لم يكن فضل الله ورحمته شاملاً لحالنا، لكانت أوضاعنا بائسة، بل وسيئة، ولكن ليست أسوأ من أوضاع أولئك الأطفال الذين يسكنون في تلك المساكن الحاوية على الكلاب، و الأشخاص البذيئين الذين يثيرون النزاعات والخلافات.

إن أولئك الأطفال لا يمكن أن يصبحوا طبيعيين، ولو سعى البعض لتأديبهم لكان من الصعب عليه أن يصل بهم إلى شاطئ النجاة الآمن.

لقد تحدث القرآن الكريم وفي مواضع عديدة عن مسألة البيت الآمن، وتطرق إلى أن الزوج يمكن أن يساهم في تامين الراحة والهدوء في البيت، وكذا بالنسبة للمرأة، حيث جعل الله تبارك وتعالى الرجل سكناً للمرأة، وجعلها ـ المرأة ـ سكناً للرجل.

إن البيوت التي يُعصى الله فيها، لا تتنزَّل فيها الملائكة ولا تصيبها رحمة الله الواسعة، وإن البيوت التي اتخذت منها الشياطين محلاًّ لسكناها لا يمكن أن تهدأ فيها الأمور، لأن الحاكم فيها هو الإضراب، القلق، الظن، والشك.

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ4.

إن هذه الآية الشريفة شبّهت لنا المعقول بالمحسوس، وهذا ما نلاحظه أحياناً في آيات القرآن الكريم، حيث يُراد من ذلك إفهامنا أحد المعاني المعقولة من خلال تشبيه بأمر محسوس فيقول تبارك وتعالى: أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على جانب يكاد يهوى في وادٍ سحيق من مثل البناء المستند إلى الكفر والنفاق والفرقة، وهكذا بناء لا يكون إلا في معرض السيل الذي يأتيه من الجبل ليأخذه معه إلى قاع جهنم، وهذا هو حال أبنية الظلم والنفاق، وإن الله تبارك وتعالى لا يهدي القوم الظالمين.

فالذين أسسوا بنيانهم، بيوتاتهم، حياتهم على التقوى، على المحبة والألفة على الصلاة والصيام، وقراءة القرآن وذكر الله: ﴿يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ5.

وحينما يكون خوف الله هو الحاكم على قلوبهم، تكون تلك البيوت التي يسكنون فيها محكمة الأساس، وان الأبناء الذين يتخرجون من مثل هذه البيوت سينفعون مجتمعاتهم كونهم مؤمنين وخيّرين، هذا بالإضافة إلى أن العيش في تلك البيوت مبارك، على العكس من تلك البيوت التي أسست على شفا جرفٍ هار.

وبناءً على ما تقدم، فمن اراد حياة سعيدة في الدنيا والآخرة عليه أن يبتعد عن المعاصي والآثام، وعليه أن يحفظ بيته طاهراً مطهراً بحيث لا يرى فيه شيئاً يخالف شرعة الإسلام الحنيف.

لقد أوصى الإسلام كثيراً بضرورة إقامة النوافل في البيت، وإقامة الصلاة الواجبة في المسجد، ولا بأس أن تكون جماعة، وقد حثت الروايات المسلمين على عدم التشبه بالنصارى واليهود الذين يستخدمون معابدهم وكنائسهم للصلاة بينما تخلو بيوتهم من العبادة وذكر الله لذا ينبغي لكم أن تهتموا بالنوافل في بيوتكم، وبالصلاة الواجبة في بيوت الله التي هي المساجد والتي قيل فيها إن لله أماكن يحب أن يذكر فيها.

الخدمة في المنزل
إن أفضل العبادات في الإسلام هي الخدمة المتقابلة بين الرجل وامرأته، وكلكم تعلمون أن الشهادة في سبيل الله هي أعظم الفضائل، لكن الروايات المتواترة تؤكد على أن خدمة المرأة لزوجها في البيت تعدّ بمصاف شهادة الشهيد، وكذا الأمر بالنسبة للرجل الذي يكدّ خارج الدار من أجل توفير العيش الشريف لعياله: "الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله"6.

إن أسمى الخدمات وأرقاها هي تلك التي يمكن أن يقدّمها المرء لعياله في بيته، وتلك التي يمكن أن تقدمها المرأة لزوجها وأبنائها في ذلك البيت المبارك.

ومن أراد أن يشمله الباري ببركةٍ منه وفضل ورحمة، ويجعل بيته مساراً للملائكة الطاهرين عليه أن يُرضى عياله وأبناءه عنه، بعد أن يحاول كسب رضا الله من خلال توطيد علاقته معه تباركت أسماؤه وجلّت صفاته.

هنيئاً لأولئك الرجال والنساء المنسجمين فيما بينهم، والذين رضي الله عنهم بعدما أرضوه بالتزامهم بشرعته الحقّة.

والويل والثبور لأولئك الرجال والنساء الذين لم يعرفوا حقوق الله عليهم، فتراهم غير منسجمين وغير متلائمين بل لا نراهم إلا متنازعين ومختلفين، وذلك بسبب عدم وجود علاقة متينة مع الله تبارك وتعالى.

والويل لأولئك الرجال الذين لم ترض عنهم نساؤهم، وتلك النساء اللواتي لم يرض عنهن أزواجهن، إنهم الجهنميون الذين خلت بيوتهم من البركة الإلهية، وليس لهم من فضل الله شيء، ولن يكون لهم نسل ولا عمر مبارك في تلك الدار.

تأثير المال الحرام
إن الطعام الحرام الذي يدخل إلى الدار ثم يدخل إلى بطونكم بعد اكتسابه من الرشوة، أكل أموال الناس بالباطل، من الربا، ومن... طعام غير مبارك، وطعام ستدخلون بسببه نار جهنم الحامية، وبسببه أيضاً ستكون دوركم ومنازلكم ممراً لعبور الشياطين الرجيمة: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا7.

لقد ذكر الباري تعالى اليتيم في هذه الآية المباركة باعتبار أن أكل ماله بالباطل أكبر مصداق على الظلم، أو أكبر مصداق على الأكل الحرام، لذا يكون معنى الآية، أن من يأكل المال الحرام، سيصلى سعيراً.

لقد علّق الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه اسلام على هذه الآية فقال: إن الذي لا يعطي الخمس من أمواله، ولا يزكّى، ويأكل أموال الرشوة، والربا، والغشّ، ومن طرق الحرام لا ينبغي له أن يظنّ بأنه يأكل خيراً، كلا، إنه يأكل ناراً "إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً"، وأن الذي يرى بعين البصيرة ناراً على مائدته حينما يكون قابضاً للزكاة أو الخمس، ويرى أبناءه يأكلون ناراً بدل الطعام الممدود أمامهم هو الذي قيل فيه: ﴿فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ8.

ومثل هكذا أفراد لا يتأتى لهم إلا الرجوع إلى جادة الصواب والهداية، على العكس من أولئك الذين يظنون أنهم يأكلون خيراً بالرغم من أنهم لا يأكلون غير النار الممزقة لأمعائهم، ولكن لا يشعرون إلا بعد أن يكشف الله لهم عن أستار الحقيقة ليروا بأمهات أعينهم ماذا كانوا يأكلون؟

إن الزوجة والأولاد الذين يتناولون طعامهم من تلك المائدة التي جلبها لهم ربّ الأسرة من أموال الحرام، ستتضح لهم الأمور في الآخرة ليصبحوا من ألدّ أعداء ذلك الرجل، وسيقفون أمامه ليقولون له: لماذا أطعمتنا ناراً؟ لماذا لم تخرج الخمس من أموالك؟ إنك بإطعامك الحرام لنا جررتنا إلى عمل المعاصي وبذلك منعتنا من نيل السعادة الأبدية التي كان لنا أن نحظى بها لولا إطعامك لنا من أموال الحرام تلك!.

وتحكي الروايات لنا عن ذلك السيء الحظ الذي كان يعمل في الدنيا ليل نهار من أجل زوجته وأبنائه، وفي الآخرة يجدهم أمامه أعداءً ناقمين! يدعون الله عليه ويرجونه أن يزيد في عذابه باعتباره السبب في دخولهم النار بعدما أطعمهم من مال الحرام فقست قلوبهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يأتي ليرى ميزان عمله وإذا به لا يجد إلاَّ ما يضرّه، إلا ما يدخله إلى نار جهنم.

قال تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا9.

إن هذه الآية المباركة تتحدث عن عدّة من الناس عبدوا الله كثيراً فأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجّوا بيت الله الحرام، وزاروا قبر الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام في كربلاء لأنهم خلطوا أعمالهم تلك بأكلهم الحرام فحشرهم الله بدون عمل صالح، فسخر البعض منهم وقال: هؤلاء الذين حوّلت أعمالهم إلى الغير ليتبؤوا هم مقاعد في النار جراء ما جنت أيديهم، ولقد كان أزواجهم وأبناؤهم في رفاه ونعمة في الدنيا، واليوم يدخلون جهنم بعد أن أضحى أبناؤهم وأزواجهم ألدّ أعدائهم بسبب ما حملوا لهم من أموال حرام.

فيا أيها المسلم الخيّر! احذر من أكل أموال الناس، واعلم بأن الذي جمع المال الحرام ليعيل أهله لم يفز إلا بجهنم ودعاء الشر ممن حمل إليهم تلك الأموال، فلا تكن جهنمياً باكتساب الأموال من الطرق المحرّمة التي لن تكون إلاَّ وبالاً عليك يوم القيامة.

*الأخلاق البيتية، مظاهري، دار المحجة البيضاء، دار الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ط1، ص87-95.


 

1- النور:36.
2- فروع الكافي/ ج6، ص256.
3- بحار الأنوار/ ج59، ص177.
4- التوبة:109.
5- النور:37.
6- بحار الأنوار/ ج103، ص13.
7- النساء:10.
8- ق:22.
9- الفرقان:23.

2009-10-26