يتم التحميل...

الثورة الإسلاميّة زلزلت بنية نظام الهيمنة العالمي

الاستكبار

الثورة الإسلاميّة زلزلت بنية "نظام الهيمنة العالمي"

عدد الزوار: 11

کلمة سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) لدى استقباله أعضاء مجلس تنسيق الإعلام الإسلامي على أعتاب ذكرى ملحمة التاسع من شهر "دي" 1388 هـ ش [30/12/2009 م] 27-12-2017

الثورة الإسلاميّة زلزلت بنية "نظام الهيمنة العالمي"

حسنًا، نحن على أعتاب الذكرى الأربعين، أربعون سنة على ماذا؟ أربعون سنة على ظاهرة استطاعت تغيير بنية السلطة في العالم وزلزلتها. لا تنظروا إلى أنَّ القوة الفلانية الكثيرة الضجيج في العالم لا تزال في مكانها. نعم، لا ندَّعي أننا نريد القضاء على كل القوى الكبرى في العالم. ليست هذه المهمة مهمتنا ـ وسوف تحصل في يوم من الأيام بواسطة يدٍ إلهية ـ مهمتنا هي القضاء على بنية القوة ونظام السلطة أي نظام الهيمنة في العالم. وقد قضينا عليه. نظام السلطة معناه تقسيم العالم إلى فئتين من البلدان، أو فئتين من الشعوب: فئة مهيمنة وفئة خاضعة للهيمنة. وقد أسقطنا هذا النظام وهذه المعادلة الخاطئة في العالم. لقد أثبتنا أنه يمكن أن يكون هناك شعب ليس مهيمنًا ولا خاضعًا للهيمنة؛ شعب لا يريد أن يفرض على أحد منطق القوة ولا أن يخضع هو بدوره لمنطق القوة أبدًا. لقد أثبت الشعب الإيراني هذا عمليًا. يكتبون في الكتب ويُطلق المفكّرون والمحلّلون السياسيّون مثل هذا الكلام. ولكن غاية الأمر: أين هذه الكتب وأين الواقع الحقيقي؟ الثورة الإسلامية هي التي أوجدت هذا الواقع. لقد حطَّمت الثورة الإسلامية هذه البُنى التي كانت سائدة.

الشعب الإيراني قاوم نظام الهيمنة وأفشل جميع مؤامراته:
لم يقعد (الأعداء) مكتوفي الأيدي مقابل تحطيم البُنية هذه؛ لقد بدأت العداوات منذ اليوم الأول؛ واستمرت إلى هذا اليوم حيث مضى قرابة أربعين عامًا. طوال هذه الأعوام الأربعين لم يُوفِّروا أيَّ عملٍ استطاعوا القيام به من مختلف أنواع العداء. وأنتم تعلمون ذلك، وبالطبع فإن هذه الأمور ينبغي تبيينها للجيل الجديد والشاب الذي لم يشهدها: من حربٍ وحظرٍ وسُبابٍ واتهاماتٍ وتغلغلٍ ومؤامراتٍ وأعمال أمنيةٍ وأعمال ثقافيةٍ وبث خلافاتٍ داخلية؛ فعملوا عبر إنفاق الأموال كل ما يستطيعون فعله ضد إيران. وقد فشلوا وهُزِموا في كل الحالات والمواقع. وها هي تمضي أربعون سنة. لو كان مقررًا لمؤامراتهم أن تؤثر لكانت الجمهورية الإسلامية قد سقطت حتى الآن مئة مرة. ولأبلت "سبعة أكفان" كما في المثل الرائج. لكننا اليوم نتمتع باقتدار أربعين سنة. لقد استطاع الشعب الإيراني ـ لمدة أربعين سنة ـ مقاومة العداوات والخباثات والضغوط، وحقّق الانتصار عليها.

لقد اجتاز شعب إيران "المنازل السبعة" والخانات السبعة الصعبة التي لم تستطع شعوب أخرى العبور من أول منزل وخانة منها. ولكم أن تقارنوا: هل تتذكرون الصحوة الإسلامية؟ انطلقت حركات في بعض البلدان، شوهدت علامات عظيمة هامة، وقفت الشعوب وتحركت، فما كان مصيرها؟ وإلى أين وصلت؟ وما الذي استطاعت فعله؟ لقد وصلت حركة الصحوة الإسلامية في البلدان العربية ـ في شمال أفريقيا وفي منطقة غرب آسيا ـ إلى حرب داخلية وفتنة داخلية واقتتال الإخوة وخلافات مذهبية وطائفية وقومية ولا تزال تلك الشعوب تعاني حتى الآن. لقد كان هذا "المنزل الأول". لم يستطيعوا اجتياز حتى الخانة الأولى، بينما اجتاز الشعب الإيراني هذه المراحل باقتدار وعزة وشموخ.

أ ــ إسقاط نظام الحكم الملكي واستئصال جذوره
لم يكن إسقاط الحكم الملكي الشاهنشاهي الذي تمَّ في هذا البلد واستئصال جذوره بالعمل البسيط . لقد عاش هذا البلد لقرون طويلة في ظل الحكم الملكي. وكانت هناك قوة وسلطة مطلقة لا تأبه للشعب، ولا تستند إلى الرأي العام. حكم "فعّال ما يشاء، حاكمٌ ما يريد". لقد عشنا على هذه الحال لقرون متمادية. إلى أن استطاعت الجمهورية الإسلامية وإمام الأمة والشعب السائر خلف الإمام، استئصال هذه الجذور. لقد كان عملًا عظيمًا جدًا.

ب ــ الحفاظ على النظام الإسلام طوال العقود الأربعة
لكن بعض الأعمال التي حصلت بعد استئصال جذور الحكم الملكي كانت أكبر وأهم من ذلك الأساس. كالحفاظ على النظام الإسلامي طوال هذه الأعوام الأربعين. هل تعلمون أي ضغوط هائلة تُمارس على هذا البلد وعلى هذا الشعب؟ لقد استطاع هذا الشعب الصبر والتحمل والصمود.

إنَّ مقارنة الثورة الإسلامية بهذه الحالات من الانتفاضات والنهضات والصحوات والثورات التي حصلت في البلدان العربية، لهي مقارنةٌ تحمل الكثير من الدروس والعِبر. حتى تلك الحركات التي نجحت ـ على سبيل المثال: بعض بلدان شمال أفريقيا استطاعت نيل استقلالها في كفاحها ضد فرنسا وأمثالها ـ هُضِمت وذابت بعد مدة قصيرة في ثقافة تلك الجهات الاستعمارية نفسها. رئيس وزراء إحدى هذه البلدان ـ ولا أريد ذكر الأسماء الآن ـ جاء إلى هنا وجرى لقاء بيننا، عندما كنت رئيسًا للجمهورية، وبدأ يتحدث معي، وكان يتكلم العربية، وأراد أن يقول شيئًا فلم يكن يعرف الكلمة العربية المناسبة له، فالتفت إلى المستشار والمرافق الذي كان معه وذكر له الكلمة الفرنسية وسأله ماذا يعادلها بالعربية، فأخبره المستشار بمعنى الكلمة باللغة العربية! أي إن الثقافة الفرنسية كانت مهيمنة على ذلك البلد إلى درجة أن رئيس وزراء ذلك البلد لم يكن يُجيد لغته التي هي اللغة العربية. وكان يجب أن يترجموا له الفرنسية إلى العربية ليعلم ما معنى تلك الكلمة بالعربية. هكذا تورطت هذه البلدان وبقيت في منتصف الطريق؛ هذا الطريق الذي تسير فيه الجمهورية الإسلامية باقتدارٍ منذ أربعين سنة. حسنًا، لقد كانت حالات العداء هذه في الماضي وهي موجودة اليوم أيضًا.

2018-01-17