يتم التحميل...

الإمام العسكري (عليه السلام) والأوضاع الاقتصادية في عصره

شهادة الإمام العسكري(ع)

الإمام العسكري (عليه السلام) والأوضاع الاقتصادية في عصره

عدد الزوار: 61

كان نتيجة اضطراب السلطة العباسية وضعفها وسوء إدارتها أن تركزت الثروات بيد قلّة من أبناء الاُسرة الحاكمه والمتنفّذين في السلطة، فتفشّى التفاوت الطبقي بين أبناء الأمة تبعاً للولاء والقرب والبعد من البلاط وحاشيته، فهناك قلّة متخمة تستأثر برأس المال والثراء الفاحش وتبدّده في حياة البذخ والترف لاشباع شهواتهم وملاذّهم، وغالبية مسحوقة تعيش حياة البؤس والفقر والحرمان، وتنهكها النزاعات والحروب، وتئن تحت وطأة الغلاء وفتك الأوبئة ومختلف الامراض والكوارث الطبيعية التي ازدادت في هذا العصر، مما ترك آثاراً وخيمة على بنية المجتمع وسلوك أفراده.

فمن تداعيات الحروب الداخلية وعلى رأسها ثورة الزنج (255 ـ 270 ه‍) التي أثارت الخوف والجوع واستهلكت الأموال والأنفس والثمرات، أن ارتفعت الأسعار واشتدت المجاعة في سائر ديار الاسلام، وقلّت البضاعة، وهجر بعض الناس بلدانهم طلباً للقمة العيش.

فذكروا في حوادث سنة 251 ه‍ أنه بلغ سعر الخبز في مكة ثلاثة أواقٍ بدرهم. واللحم رطل بأربعة دراهم، وشربة الماء بثلاثة دراهم[1].

وفي حوادث سنة 251 و 252 ه‍ نتيجة الحرب التي دارت رحاها بين المعتز والمستعين على كرسي الخلافة شمل أهل بغداد الحصار والغلاء بالأسعار واجتمع على الناس الخوف والجوع[2].

وقال اليعقوبي في حوادث سنة 252 ه‍: وغلت الأسعار ببغداد وسرّ من رأى حتى كان القفيز بمائة درهم، ودامت الحروب، وانقطعت الميرة وقلّت الأموال[3].

وذكر الطبري وغيره حوادث سنة 260 ه‍ أنه في هذه السنة اشتدّ الغلاء في عامة بلاد الاسلام، فانجلى عن مكة من شدّة الغلاء من كان بها مجاوراً إلى المدينة وغيرها من البلدان، ورحل عنها عاملها الذي كان بها مقيماً وهو بُريه، وارتفع السعر ببغداد، فبلغ الكرّ الشعير عشرين ومائة دينار، والحنطة خمسين ومائة، ودام ذلك شهوراً[4].

أما الأمراض والأوبئة التي غالباً ما تكون من إفرازات الحروب وتردي الأوضاع الاقتصادية، فقد تحدث عنها المؤرخون كثيراً في هذا العصر. قال السيوطي مشيراً إلى أيام المعتمد (256 ـ 279): وفي أيامه دخلت الزنج البصرة وأعمالها وأخربوها وبذلوا السيف وأحرقوا وخربوا وسبوا، وجرى بينهم وبين عسكره عدة وقعات. .. وأعقب ذلك الوباء الذي لا يكاد يتخلف عن الملاحم بالعراق، فمات خلق لا يُحصون[5].

ويبدو أنه قد بلغ التدهور أوجه في أيام المعتمد، ففي حوادث سنة 258 ه‍ يقول ابن كثير وغيره: وفيها وقع الناس وباء شديد وموت عريض ببغداد وسامراء وواسط وغيرها من البلاد، وحصل للناس ببغداد داء يقال له القفاع[6].

ويقول اليعقوبي: وقع فيها وباء بالعراق، فمات خلق من الخلق، وكان الرجل يخرج من منزلة فيموت قبل أن ينصرف، فيقال أنّه مات ببغداد في يوم واحد اثنا عشر ألف انسان[7].
  
* الإمام الحسن العسكري (ع) سيرة وتاريخ - بتصرّفٍ


[1] الكامل في التاريخ 6: 181، البداية والنهاية 11: 10.
[2] البداية والنهاية 11: 9.
[3] تاريخ اليعقوبي 2: 499.
[4] تاريخ الطبري 9: 510، الكامل في التاريخ 6: 248، سير أعلام النبلاء 12: 543، البداية والنهاية 11: 31.
[5] تاريخ الخلفاء / السيوطي: 282.
[6] البداية والنهاية 11: 30، الكامل في التاريخ 6: 238.
[7] تاريخ اليعقوبي 2: 510.

2017-11-27