يتم التحميل...

القضية الأساس في جميع الأعمال؛ مراقبة الذات

تربية دينية (مواعظ)

القضية الأساس في جميع الأعمال؛ مراقبة الذات

عدد الزوار: 19

من كلمة الإمام الخامنئي في أول لقاء له بأعضاء "مجلس الشورى" الثامن 10/06/2008
القضية الأساس في جميع الأعمال؛ مراقبة الذات
الشيء الذي يحظى برأيي بالدرجة الأولى من الأهمية في هذا اللقاء وأمثال هذا اللقاء هو أن نشعر أننا في مقام العبودية لله و في حضرته و مسؤولون أمام التكاليف الإلهية في هذا الموقع و المسؤولية التي توليناها. هذا هو أساس القضية.

كل اختلاف وجهات النظر و الأذواق و المحفزات المختلفة المعقولة التي لدى شخص معين قد تتباين عن محفزات معقولة أخرى. الأمر يشبه تيارات ماء متعددة تدخل بحراً هادئاً مستقراً أو بحيرةً آمنة ساكنة فتلتقي عندها. إذا استطعنا توفير هذا الفضاء الآمن والنقاء المعنوي في مجال عملنا، و تحقيق هذه الجنة المعنوية لأنفسنا، فلن تعود للمسائل الأخرى أهمية تذكر، و لن تخلق لنا مشكلات خطيرة.. أساس القضية يكمن هنا و لا بد من معالجته.

نظام الجمهورية الإسلامية تشكل أساساً استجابةً لدعوة الأنبياء و محورها الأساسي الوصول بالإنسان إلى التكامل المعنوي، و هذا ما لا يتاح إلا في ظل إيجاد عالم حافل بالحسنات والمعروف يجعل الحياة طيبة ممكنة الاحتمال عند الإنسان؛ ومن أبرز هذه الحسنات هي العدالة. إذن تشكيل المجتمع العادل هدف. لكنه هدف وسيط.

إننا نروم بلوغ المجتمع الإلهي العادل.. المجتمع الإسلامي.. كي نستطيع في ظل هذا النظام الإلهي أن نرفع أنفسنا في مدارج التكامل وصولاً إلى قمة الأمان والسكينة.

قضية عالم ما بعد الموت و الحياة الحقيقية " وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ". الحياة الواقعية بعد اجتياز هذا الطور من الحياة، لها تأثير كبير في تنظيم أعمالنا و سلوكنا. هذه الآيات التي تليت الآن: " قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ". هذا هو الخسران الحقيقي.

فقدان المال، وفقدان الروح، وفقدان الأحبة، وفقدان ملذات الحياة، خسائر تنـزل بالإنسان في هذه الدنيا، لكنها ليست الخسائر الحقيقية. أحياناً تكون هذه الأشياء التي قد تبدو لنا خسائر و فقدان أشياء معينة وسيلة تحفظنا من تلك الخسارة الحقيقية الكبرى. لذا فإن قضايا الفوز و الخسارة، و التقدم و التأخر، و الجاه أو عدم الجاه، و الشعبية أو السقوط من أعين الآخرين، تعد في إطار الدنيا المادية و في هذه الحياة التي كلفنا فيها بالعمل و الجد و الجهاد، تعد قضايا ثانوية و فرعية تماماً. أساس القضية هي ذلك الشيء الحقيقي و الذي يتحقق عبر العمل بالتكليف الإلهي.

في فترة رئاستي للجمهورية طلبت من أحد الأفاضل كنت أحترمه و أجلّه دائماً أن ينصحني بشيء أو يأمرني. و كان ما كتبه لي في الجواب هو: أنظر ما الواجب المقرر لك فافعله، و ما هو المحرم عليك فاتركه، و ما هو المشتبه عليك فاحذر منه. قد تبدو هذه فكرة عادية جداً يعلمها الجميع و يفهمونها. وأنا أيضاً حينما نظرت للوهلة الأولى قلت إنني أعرف هذا الشيء، لكنني حينما دققت بعد ذلك وجدت الأمر مختلفاً إذ أن هذا هو منتهى الكلام و حجر الزاوية.

لو نظرنا بدقة لوجدنا أن هذا هو أصعب و أثقل الأعمال بالنسبة للإنسان الذي لا يستطيع الإمساك بزمام نفسه والانتصارعلى ميوله ونزواته.. من الصعب عليه جداً أن ينظر إلى الواجب و يبحث عنه حقاً. و حينما يری الواجب ينهض به و ينفذه بشجاعة، و حسم، و بشاشة، و طيب خاطر، وعدم اهتمام للتبعات الدنيوية من قبيل ما الذي سيقوله فلان، و ما سيكون موقف فلان، وما سيكون مستقبلي لو قلت هذا، و لو اتخذت الموقف كذا، وسرت في النهج كذا؟ من دون هذه الملاحظات.
إذا لم نستطع التغلب على أنفسنا ونزعاتنا، لكانت تلك من أصعب الأعمال. و هذه الأعمال الأصعب هي التي بوسعها رفعنا إلى أرقى القمم والمراتب. هذا هو أساس القضية.

القرآن موعظة: لا تقطعوا صلتكم به
أساس القضية هو كما ذكرنا مراقبة الذات. بناء الذات و مراقبتها أساس جميع هذه الأعمال و بوسعها إن شاء الله أن تهدينا جميعاً؛ ومن الله العون والسداد. ينبغي طلب العون من الله. ينبغي الاستغاثة.. يجب اللجوء إلى القرآن و الدعاء و التضرع. من جملة التوصيات التي سبق أن أوصيت بها الأعزاء نواب المجلس أحياناً و كذلك مسؤولي الحكومة، هي أن لا تتركوا تلاوة القرآن. اقرأوا القرآن حتماً. في كل يوم.. حتى بمقدار قليل.. حتى بمقدار صفحة واحدة في اليوم.. بتدبر و دقة. ما نصرّ عليه هو أن لا يفقد الأعزاء صلتهم بالقرآن. و لا تكتفوا بالدقائق العشر التي يتلى خلالها القرآن بداية اجتماعات المجلس. و مع أن المجلس السابع سنّ سنة حسنة هي قراءة ترجمة القرآن إلى جانب القرآن، و هذا شيء مفيد و مناسب، و لكن لا تكتفوا بهذا. القرآن دروس و مواعظ، و كلنا بحاجة للموعظة. ليس معنى الموعظة أن يذكر للإنسان على الدوام شيء لا يعلمه. أحياناً هناك أشياء نعرفها لكن في الاستماع أثر لا يوجد في المعرفة. يجب أن نسمع و القرآن يجعلنا نسمع:" موعظة من ربكم". كثيراً ما استخدم القرآن تعبير الوعظ و الموعظة.. القرآن موعظة.

و الدعاء.. الدعاء أيضاً شيء مهم جداً. و اعتقد أن الصحيفة السجادية المباركة من أفضل كنوزنا المعنوية لو استطعنا الانتفاع منها. تواصلوا مع أدعية الصحيفة السجادية و استأنسوا بها فكل واحد منها باب، و عالم خاص، و بحر يعلم الإنسان المعارف و يرقق قلبه و يعلمه الخشوع.
 

2017-03-09