يتم التحميل...

القلوب الطاهرة رأسمال "الشباب" والإرتباط بالله طريق حفظه

الشباب

القلوب الطاهرة رأسمال "الشباب" والإرتباط بالله طريق حفظه

عدد الزوار: 24

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في الطلبة الجامعيين بمناسبة: حلول شهر رمضان المبارك 23-08-2010

القلوب الطاهرة رأسمال "الشباب" والإرتباط بالله طريق حفظه
حسناً، كان لقاء اليوم بنظري لقاء ممتازاً والشكر لله. وأشكر من جاء وتحدّث من الفتية والفتيات, كان جيداً جداً، ولديّ مطالب أذكرها بقدر سعة الوقت, لكن ما هو أعلى من بينها جميعاً هو أنكم أيها الشباب أصحاب قلوبٍ طاهرة غير ملوّثة. ولعلّكم لن تدركوا الآن عمق هذا الكلام وماذا يعني عدم التلوّث وأين يكمن بلاء القلوب الملوثة, فلأنكم الآن شباب فلن تدركوا معانيه. وعندما تبلغون عمرنا ستفهمون حينها معنى هذا البلاء، وترون مدى أهمية وقيمة صفاء القلب في مرحلة الشباب الذي لا يمكن أن يرجع أبداً.

حافظوا على طهارة قلوبكم بالإرتباط بالله
اليوم هذا الرأسمال تحت تصرّفكم. وكلامي هو: صلوا القلب الصافي والطاهر مهما استطعتم بمنبع العظمة والحقيقة والجمال ـ أي ذات الباري المقدّسة تعالى ـ وقرّبوه. فإذا وُفّقتم فسوف تحصلون على حياة سعيدة إلى آخر العمر, وإذا لم توفّقوا فسوف يكون الأمر بعد عشرين سنة أصعب, وإذا لم توفّقوا حين تكونون قد بلغتم الأربعينات فسوف يكون الأمر بعدها بعشرين سنة أصعب بكثير, أي في عمرٍ أقل من عمري الآن. سيكون صعباً جداً. لا بمعنى أنه مستحيل ولكن صعب. فعلّقوا القلب بالله الآن.

طريق الإرتباط بالله : ترك المعاصي وأداء الواجبات
وطريق ذلك ميسَّر في الشرع المقدّس، وهو ليس عملاً معقداً ولا بحاجة إلى فك الرموز. عندما تنظرون إلى قمة الجبل من الأسفل وترون عليها أشخاصاً فإنكم لا تتخيلون أنهم ركّبوا أجنحة وصعدوا, كلا، فإنهم قد سلكوا مسيراً يبدأ من تحت أقدامكم ووصلوا. فلا نتوهّم ولا نتخيّل أنه يمكن الوصول إلى تلك القمم من خلال حركة خارقة وغير عادية . كلا، فأولئك الذين تشاهدونهم على القمم قد عبروا هذه الطرق. فما هي هذه الطرق؟ إنها بالدرجة الأولى ترك المعصية. وذكر هذا سهلٌ والقيام به صعبٌ، لكن لا بد منه. ترك الكذب والخيانة واجتناب الزلّات المختلفة على الصعيد الجنسي والشهواني، اجتناب المعاصي, وهذه أهم خطوة.

ثم يأتي بعد ترك المعصية أداء الواجبات، وأهمها الصلاة. "واعلم أن كل شيء من عملك تبعٌ لصلاتك"1. فصلّوا الصلاة لوقتها بتوجّه وحضور قلبي. وحضور القلب أن تعلموا ما تقولون, أن تعلموا أنكم تخاطبون أحداً. فلو روّضتم أنفسكم على هذه الحالة وتمكّنتم من تحصيل هذا التركيز فإن هذا يبقى معكم إلى آخر عمركم. وإذا لم تتمكنوا الآن من ذلك، كما قلت لكم، سيكون الأمر بعد عشرين سنة صعباً بل أشد صعوبة منه وبعد بعشرين سنة, ما لم يحصل حينها سيكون صعباً جداً جداً. فعوّدوا أنفسكم من الآن على تحصيل هذا التركيز أثناء الصلاة عندها ستتحقق تلك الصلاة التي ?تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ?. و(تنهى) لا تعني أنها ستوجد بينكم وبين المعصية حائلاً وحاجزاً بل يعني أنها ستقول لكم دائماً لا تعصوا. حسناً، لو خوطب الإنسان كل يومٍ عدّة مرّات من داخله لا تعصِ، لا تعصِ، فإنه لن يعصي. هذه هي الصلاة. وأرزاق شهر رمضان عظيمة الفائدة، وكذلك مواجهة الجوع والعطش والحرّ والصعاب التي يمر بها المرء. الأنس بالقرآن ونهج البلاغة والصحيفة السجادية، والدعاء، والنوافل، وصلاة الليل، وكل ما يمكنكم أن تقوموا به بعد ذلك.

بادروا منذ الآن سلوك طريق الله
اعرفوا قدر هذا القلب النوراني والطاهر الموجود فيكم، وهنا لا أريد أن أتحدث لكي أرضيكم, كلا، فشباب الدنيا لا ينحصرون بكم، بل هذه هي خاصّية الشاب. قلوبكم طاهرة. ولأن الأمر بالنسبة لكم غير قابلٍ للمقارنة، فلا يمكنكم أن تشعروا به. على مرّ الزمان تغطّي الابتلاءات والغبار والصدأ والأدران القلب. وفي رواية أن الإنسان عندما يرتكب معصية فإن نقطة سوداء تخرج في القلب ـ وبالطبع فإن هذا تعبيرٌ تمثيلي ـ وإذا ارتكب معصية ثانية يزداد ذلك السواد وإذا تمادى في الذنوب يغطي السواد القلب كله. وترجمة مفهومه العرفي هو ما ذكرته, أي إنكم الآن تمتلكون قلباً وروحاً مستعدة، ومع تزايد المعاصي والابتلاء ات والمشاكل الكثيرة التي تبرز أثناء مسير الكفاح في الحياة ـ في السياسة والاقتصاد والمعيشة وتحصيل إمكانات الحياة ـ فإن المرء إذا لم يروّض نفسه من الآن فإن هذه الأمور تزيد من المصائب حتى تسوّد القلب. فكلامنا الأول والأساس هو هذا. وأنتم مثل أبنائي. ولو أردت أن أوصي أولادي الذين هم من صلبي ونسبي بأفضل وصية لقلت لهم ما ذكرته لكم.

· هزيمة المسلمين في " أحد " سببها معصية البعض
التفتوا إلى أن معظم الزلات ـ ولا أقول كلها ـ التي يقع فيها الإنسان في الميادين المختلفة ناشئة من عدم رعاية هذه النقطة الأساس والمهمة التي ذكرتها, حتى في ميدان الجهاد.

ففي معركة أُحد ـ وأنتم تعلمون مجرياتها ـ قصّر بعضهم فتسببوا بفاجعة. وإذا لم تكونوا قد قرأتم مجرياتها فهي موجودة في كتب التاريخ فاذهبوا وطالعوا حيث إنني لا أريد الآن أن أذكر تفاصيلها. والقرآن يقول بشأن أولئك: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا)، فيعني أن أولئك الذين رأيتموهم يعطون العدو ظهورهم وتسببوا بالفاجعة وأدّى ذلك إلى استشهاد حمزة سيد الشهداء وكبار الصحابة فإن زلّتهم التي تسبّب بها الشيطان كانت بسبب ما ارتكبوه سابقاً، أي معاصيهم. ولدينا آيات عديدة نظير هذه الآية في القرآن.

فعدم اجتناب المعصية سيظهر أثره في إدارة أمور البلاد ؛ إذا كنا نقوم بذلك، في إدارة قطاعٍ ما، أو إذا كنا في ميدان الحرب، أو إذا وقعنا في اختبار مالي واقتصادي. وعليه فإن هذا هو كلامنا الأساس. وباختصار أقول لكم إعرفوا قدر الشباب. ويعني ذلك أن تقدّروا نعمة القلوب الصافية، وأن تأنسوا أكثر بالله. وطريقه هو ترك المعصية والاهتمام بالصلاة, وبعد الصلوات الواجبة والتوجّه الذي تحدّثت عنه (حضور القلب)، فافعلوا ما تقدرون عليه من مستحبات وأدعية وغيرها من الأعمال. فالله تعالى بمشيئته سيفتح أمامكم السبل. حسناً، لقد دوّنت عدّة مطالب أذكرها لكم الآن، لكن الأسئلة التي طرحتموها والموضوعات التي ذكرتموها هي موضوعات مهمة. فلا بأس بأن أذكر بعض الأمور بشأن بعضها.

 

2017-03-08