يتم التحميل...

معارف القرآن تهب ألشعوب الحياة والنصر والتقدم

النهوض والتقدم

معارف القرآن تهب ألشعوب الحياة والنصر والتقدم

عدد الزوار: 21

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المشاركين في المسابقات الدوليّة للقرآن الكريم المناسبة: إقامة المسابقات الدوليّة للقرآن الكريم. الحضور: المشاركون في المسابقات. المكان: مشهد المقدّسة ـ الحرم الرضوي المطهّر. الزمان: 24/6/2012م.
معارف القرآن تهب ألشعوب الحياة والنصر والتقدم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أرحّب بالضيوف الأعزّاء لهذه المدينة المقدّسة، وبضيوف بلدنا القرآنيين الذين وفدوا من مختلف البلاد. نشكر الله على أنّه أقرّ عشق القرآن في قلوبنا وقلب شعبنا. نشكر الله أنّه منح توفيق دراسة القرآن والأنس به وتلاوته لشعبنا.

التلاوة مقدمة لتدبر آيات القرآن
في زمن الطاغوت كان القرآن في بلدنا مهجوراً، ولم تكن هناك أيّة حركة جماعيّة لترويج القرآن، أيّ شيءٍ كان فإنّه انطلق من مبادرات فرديّة. وفي زمن الجمهوريّة الإسلاميّة وحاكميّة الإسلام، فإنّ من البرامج الأساسية لمسؤولي البلاد ترويج القرآن، فتلاوته والأنس به وفهمه وحفظه من البرامج، والتي تُعدّ هذه المسابقات الدولية من مظاهرها. ولكن تلاوة القرآن والقراءة الحسنة للآيات الإلهية هي مقدّمة من أجل التدبّر في القرآن. نحن لا نريد أن نشغل أنفسنا ونلهيها بالتلاوة، والقراءة القرآنية والألحان القرآنية، كموضوع أساسي، بل هذه مقدّمة وطريق.

إنّ تلاوة القرآن بصوتٍ عذب تؤدّي إلى تليين القلوب وخشوعها وتهيئتها لفهم المعارف القرآنيّة والآيات القرآنيّة، وهذا ما نحتاج إليه.

لا ينبغي الاكتفاء بالقراءة والألفاظ والألحان المتعدّدة، بل يجب النظر إليها على أنّها وسيلة. إنّ اللحن الجميل والصوت العذب أمران ضروريان للقرآن، ولكن من أجل أن تخشع القلوب وتلين وتصل إلى المعاني القرآنية. وليس الأمر أن نتصوّر أنّ هذا أمرٌ مستقلٌّ. كلا، إنّها مقدّمات، ويجب أن ننجز المقدّمة من أجل ذي المقدّمة، وبالطبع من دون هذه المقدمة يكون الأمر صعباً. وإصرارنا على حفظ القرآن وتلاوته ونشر الجلسات القرآنية على مستوى البلد، وتعليم العلوم القرآنية والفنون القرآنية ـ من التلاوة والكتابة وبقية القضايا المختلفة التي تدور حول القرآن ـ لأجل أنّ معرفة هذه الأمور وصرف الوقت من أجل هذه الفروع يجعل الأجواء في البلد أجواءً قرآنية. ونحن بحاجة إلى هذه الأجواء وهذا المناخ. فعندما يكون الجوّ قرآنياً، فإنّ الأنس بالقرآن يزداد ويعمّ، والأنس بالقرآن يؤدّي إلى التدبّر فيه وفي معارفه. إنّ عالمنا الإسلامي بحاجة اليوم إلى هذا التدّبر. ونحن شعب إيران بحاجة إلى هذا التدبّر أيضاً.

دروس القرآن تهب الشعوب النصر واللحياة
يحتاج العالم الإسلامي إلى فهم المعارف الإسلامية. فهو بحاجة اليوم إلى الدرس الذي يقدّمه القرآن للشعوب للاستقامة والصمود والحياة الطيبة والعزّة الإسلامية. فدروس القرآن في هذا المجال هي دروسٌ مانحة وواهبة للحياة ونحن نحتاج إلى هذه الدروس. بمقدار ما تشعّ المفاهيم الأساسية للقرآن في البلاد الإسلامية فإنّكم سترون أنّ التوجّهات العامّة للحركات الشعبية ستصبح إسلامية. ولم يكن الأمر كذلك في السابق، ففي الماضي أينما نشأت حركة اجتماعية في البلدان الإسلامية, فإنّ توجّهاتها كانت يسارية وماركسية واشتراكية. ولكن اليوم أينما وجدنا تحرّكاً فإنّ توجّهه هو توجّه إسلامي. بالطبع، إنّ لهذه التحرّكات أعداءً غدّارين متوحّشين بلا رحمة. إنّ الاستكبار العالمي- هذا العدوّ الدموي - يقف اليوم بجدّية مقابل التحرّكات الإسلامية. فأمريكا تواجه هذه التحرّكات بجدّية وكذلك الصهيونية، وهم يقاومون. ولا شكّ بأنّ العدوّ لا يجلس متفرّجاً على الشعوب الإسلامية التي تطبّق برامج الإسلام ومخطّطه، بل يواجه ذلك. فالكلام هو أنّ القرآن قد علّمنا أنكم إذا صبرتم وصمدتم ولم تبدّلوا تبديلاً، ولم تحوّلوا وجهتكم، فسوف تنتصرون.

هذا هو درس القرآن. يقول لنا القرآن إنّكم إذا مضيتم على هذا الطريق وآمنتم بهذه الأهداف وتحرّكتم على أساس هذا الإيمان فلا شكّ أنّكم منتصرون. هذا هو درس القرآن ويجب أن تتعلّمه الشعوب المسلمة وتؤمن به، لأنها إذا آمنت فإنّها ستنتصر على أعقد الوسائل العسكرية والأمنية للعدوّ، ولو ضعُفت وشعرت بالهزال وضعُف توكّلها على الله، ولو ركَنَت لابتسامة العدوّ ووثقت بخداعه فلا شكّ بأنها ستُهزم.

يحتاج عالمنا الإسلامي اليوم إلى هذه الدروس. ولأجل نشر هذه الدروس فإنّ أفضل وسيلةٍ وأفضل كتابٍ هو القرآن الكريم نفسه. لهذا يجب أن ننشر بقدر استطاعتنا بين الشعوب وبين شعبنا والشعوب المسلمة، هذا الأنس بالقرآن مع التدبّر وأن يكون متلازماً مع الاعتقاد بالوعد الإلهي، وننشر ذلك لنساعد على نهضة الشعوب، فهذا تكليفٌ.

حاكميّة القرآن والتطوّر العلمي
نفتخر أنّنا أول من رفع راية حاكمية القرآن والإسلام في هذا العالم المادي. وقد ثبتنا على هذه الدعوة الكبرى وتحمّلنا متاعبها وأثبتنا أنّ أيّ شعبٍ إذا صبر وتحمّل واستقام فلن تكون النتيجة هزيمة العدوّ وفشله فحسب، بل التطوّر أيضاً والتقدّم، وهذا ما حصل في بلدنا.

لقد سعوا منذ البداية لإطفاء هذا النور في هذا البلد. وطوال 33 سنة أعملوا كلّ قواهم لكنّ هذا النور ازداد يوماً بعد يوم، وازداد تألّقه، ولم يعجزوا عن إنزال راية حاكميّة الإسلام في هذا البلد فحسب، بل إنّ هذا الشعب ازداد تطوّراً مع الأيام. ففي يومنا هذا يُعتبر معدّل التسارع العلميّ لشعب إيران أكثر من المعدّل العالمي العام بـ 11 مرّة، وهذا طبق الإحصاءات والأرقام التي تنشرها المراكز العلمية الدولية وتعلن عنها. اليوم نجد أنّ بلدنا في حال تطوّر سريع في الأبعاد المختلفة والمجالات المتعدّدة ـ المجالات السياسية والعلمية - والبناء وتطوّر إعادة البناء.

شبابنا هم أهل القرآن ؛ مؤمنون صالحون
كما أنّ المعنويات في بلدنا بحمد الله في حالة نموّ. إنّ شبابنا هم أهل الذكر والدعاء والقرآن والاعتكاف. إنّ ذاك العدد من الشباب في هذا البلد، الذي لديه توجّهات معنوية إذا قورن بأي مكان آخر لم يجد لهم مثيلاً ولم نسمع عن ذلك. ومن خلال القرائن الموجودة التي نشاهدها لا يوجد مثل هذا العدد من الشباب المؤمن العاشق رغم كل عوامل التخريب والإغواء التي تُمارس على الشباب في كل بلاد العالم اليوم، وبالوسائل الحديثة.

إنّ شبابنا مؤمنون صالحون, وهذه شوكة في عين العدوّ.

إنّ العدوّ كان يريد أن يستلب راية حاكمية الإسلام وانتصار الإسلام من يد هذا الشعب، ويرميها أرضاً، ولكن ما حدث أنّه لم يتمكّن، بل إن بلدنا تطوّر - رغم أنفه - باللحاظ المادي والمعنوي وهو أيضاً في حال تطوّرٍ وسوف يتطوّر. إن شاء الله سيأتي اليوم حيث يكون الإسلام والمجتمعات الإسلامية وتجمّعات المسلمين نماذج رفيعة لكلّ العالم من ناحية التطوّر المادي والمعنوي، حيث تتطلّع شعوب العالم إليهم وتقلّدهم ولا شكّ بأنّ هذا اليوم سيأتي وسيكون ذلك ببركة القرآن.

الوصيّة هي أن تعملوا على الأنس بالقرآن مهما استطعتم، واشتغلوا بالقرآن أكثر فأكثر، وتعلّموا منه أكثر، وتدبّروا أكثر، واجعلوه درساً وعبرة لحياتكم وسلوككم.

نسأل الله تعالى أن يوفّقكم ويوفّقنا للحياة على أساس القرآن والموت عليه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

2017-02-24