يتم التحميل...

مسيرة البلاد نحو أشواط بعيدة من التقدم والعدالة

العلم والتطور

مسيرة البلاد نحو أشواط بعيدة من التقدم والعدالة

عدد الزوار: 9

من كلمة الإمام الخامنئي في الحرم الرضوي الشريف بمناسبة حلول العام الشمسي الجديد 21-03-2010
مسيرة البلاد نحو أشواط بعيدة من التقدم والعدالة

الإيمان بالله أساس النظام الإسلامي وسبيل السعادة في الدارين
المسألة الأولى: مما يلفت النظر ويُقال بمناسبة مرور واحد وثلاثين عاماً على استقرار نظام الجمهورية الإسلامية هو تعريف قرآني للنظام الإسلامي المقدّس وللحكومة الإسلامية. فأساس الحكومة الإسلامية والمائز الأساس لهذه الحكومة عبارة عن استقرار الإيمان، الإيمان بالله، الإيمان بتعاليم الأنبياء، وسلوك الصراط المستقيم الذي قدمه الأنبياء الإلهيون إلى الناس. الأساس هو الإيمان. إن إرسال الأنبياء الإلهيين لهداية البشر وتأسيس المجتمعات الدينية والإلهية عبر التاريخ وإلى يومنا هذا، كان بالدرجة الأولى من أجل هذا الهدف.

قال تعالى:(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا1(ً أي إن الهدف من بعث رسل الله هو الإيمان بالله والارتباط بذاته وطريقه سبحانه، والتمسّك بتلك التعاليم التي بثّها هؤلاء الأنبياء بين الناس هذا في سورة الفتح، وأما في سورة الأحزاب المباركة فيقول تعالى:(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّه) 2

إن رسالة النبي هي الدعوة إلى الله, وهذا هو أساس العمل. فإن الشيء الذي يمكن عدّه مائزاً بين النظام الإسلامي والمجتمع الإسلامي وكل المجتمعات البشرية هو بالدرجة الأولى هذه النقطة, مسألة الإيمان بالله والإيمان بالغيب والإيمان بذلك الطريق الذي جعله الله تعالى للبشر من أجل سعادتهم الدنيوية والأخروية.
 


1- سورة الفتح, الآيتان 8 - 9.
2- سورة الأحزاب, الآيتان 45 -46.





ولو كان اليوم لنظام الجمهورية الإسلامية من كلامٍ يقوله تجاه سائر الأنظمة في العالم أو قضية يتحدّى بها الأنظمة المادية فذلك من أجل أن المائز الأساس هو الإيمان.



إن البشرية اليوم وبسبب عدم الإيمان ابتُليت بأنواع الشقاء ات الحياتية المختلفة ولهذا فإن المائز الأساس هو الإيمان. الإيمان بالله وطريق الله وطريق الأنبياء ـ الذي يتبعه العمل بتلك التعاليم ـ ليس لأجل الارتقاء المعنوي فحسب وإن كان أهم ثماره هو ذلك الارتقاء المعنوي والتكامل الإنساني والأخلاقي, لأن الدنيا مزرعة الآخرة. فمن خلال التحرك في الحياة الدنيا يمكن للإنسان أن يقطع المدارج والمعارج ويتكامل. لهذا فإن الحياة المادية تقع ضمن نطاق الإيمان بالله. فالإيمان بالله تعالى إذن، لا يضمن السعادة المعنوية فحسب، بل السعادة المادية أيضاً.



إن الإيمان بالله تعالى يمكّن الناس من الحصول على كل الأشياء التي يحتاجونها في حياتهم المادية، ?وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم?3.



لو أن الدين أقيم وعُمل بالتعاليم الإسلامية في المجتمع فإن الناس سيصلون من حيث الرفاهية إلى حيث لا يبقى أي شيء من حاجاتهم غير متوفر. ومن حيث الاستقرار المعنوي والروحي والشعور بالأمن والطمأنينة يبرز دور الإيمان أيضاً،يقول القرآن: ‏?قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ?4



فالقرآن يعلّم البشر طرق السلام والطمأنينة والسلامة الروحية، هذا الطريق الذي يوصل الإنسانية إلى الطمأنينة الروحية, وهو ذلك الشيء الذي يفتقده العالم ويؤدي إلى حال الغليان. هناك التطور المادي والتطور التقني والعلمي والثروات الطائلة الموجودة في المجتمعات ولكن لا توجد طمأنينة أو استقرار. وهذا بسبب قلّة هذا العنصر الأساس في حياة البشر الذي هو عبارة عن الإيمان. هذه قضية أساس ينبغي التوجه إليها بالاستفادة من القرآن الكريم. إذا كنا نريد في هذه الجمهورية الإسلامية ـ أنا وأنتم وكل واحد منا وسائر شبابنا وكل الأجيال الآتية ـ تأمين مستقبل سعيد لبلدنا ولأنفسنا وأبنائنا، فإن أساس التحرّك في النظام الإسلامي هو الإيمان الذي يجب أن يحققه ليس فقط في القلب بل في العمل وفي الخطط وفي جميع التحركات.



التقدم والعدالة مطلبان اصيلان للبشرية منذ كانت

هذه السنة هي السنة الثانية والثلاثون على تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية . أي السنة الثانية من العقد الذي أُعلن كعقد التقدّم والعدالة. فشعار التقدّم والعدالة هو شعار محوري وقضية أساس وحاجة ماسّة. ففي هذه المرحلة يجب أن يكون الهدف الكبير لشعبنا العزيز والمسؤولين التقدّم والعدالة. (التقدّم) و(العدالة) مطلبان تحتاجهما البشرية. فإن التقدّم يعني الوصول إلى النتائج المطلوبة بلحاظ العلم والعمل وكل ما هو ضروري للمجتمع في الدنيا. والعدالة تعني انتفاء التمييز بين الناس وزوال الظلم. هذان المطلبان يعدّان من المطالب الأساس والأصلية والقديمة للبشرية. وعلى امتداد تاريخ البشر كان هذان المطلبان من المطالب الأصلية للبشرية: التقدّم والعدالة. وهذه الشعارات يمكن إطلاقها لكن المهم هو من يحق له العمل بهذه الشعارات.

3- سورة المائدة, الآية 66.

4- سورة المائدة, الآيتان 15 - 16.





تقدم المجتمع وسيادة العدالة غاية مسيرتنا

ونحن في نظام الجمهورية الإسلامية قد أطلقنا هذين الشعارين. فيمكن تحقيق التقدّم بمعناه الحقيقي, والعدالة مع هذا الوعي الموجود في مجتمعنا، مع البصيرة التي تحققت بحمد الله في شعبنا فعرف العقبات وشخّص الأهداف، وعلم شبابنا مَن الصديق والعدو في هذه الأيام. فلو أن مسؤولاً سعى نحو العدالة يمكنه أن يهيّئ مقدّمات استقرار العدالة الكاملة في مجتمعنا. ولا شك بأن هذا ليس عملاً قصير الأمد بل هو بعيد الأمد. لهذا نأخذ هذا العقد كعقد التقدّم والعدالة بعين الاعتبار. فكل ما يمكن تحقيقه أو التخطيط له يجب أن يلاحظ هذين العنصرين وأن يكون لأجل تقدّم المجتمع ولأجل العدالة.



إمكانات وقدرات تؤهل البلاد لأشواط بعيدة من التقدم

للبلاد استعدادات كثيرة. أعزائي، في هذه السنوات الثلاثين تقدّمت البلاد والعباد في جميع المجالات. والأرضية متوفرة لحركة عظيمة وتأسيسية، حركة ملموسة يمكن ملاحظة أثرها في حياة الناس.



فنحن قد أحرزنا في مجال البُنى التحتية الاقتصادية الكثير من التقدّم، وفي مجال البُنى التحتية المتعلّقة بالاتصالات والمواصلات تحققت إنجازات كبرى، وقد بدأت مسيرة متسارعة في مجال التطور العلمي والتقني منذ مدّة وإلى يومنا هذا. فلاحظوا أن شبابنا وجامعيينا ونخبنا قد وصلوا في المجالات العلمية إلى مراحل مدهشة جداً بالنسبة لدولة كانت بعيدة جداً عن مرحلة العلم والتحقيق والابتكار العلمي.



1 ــ التقدم العلمي الكبير

شبابنا الأعزاء : إن الأشياء التي تجعل بلدكم في صف الدول العشر الأولى في العالم ـ أو الثمانية ـ ليست قليلة. ففي القطاعات المختلفة في قطاع علوم الحياة وعلوم النانو (nano tec) والعلوم الفضائية وغيرها سترون أن علماء البلاد ـ الذين هم بأغلبهم شباب مفعمون بالحماس والحيوية والنشاط ـ قد تمكّنوا من إيصال البلد إلى هذه النقطة بحيث يُقال في هذا المجال إنّ إيران هي إحدى الدول الثمانية الأولى، في العالم وفي ذاك المجال هي إحدى الدول العشر, أي إنّ هذا تطور عظيم، وهو يمثّل موقعية مهمة للبلاد.



2 ــ النفوذ الإقليمي والدولي

وفي مجال الموقعية والقدرة الإقليمية والدولية فإن نظام الجمهورية الإسلامية اليوم والجهاز الإسلامي في بلدنا يتمتع بمهابة وأهميّة في عين الدول بحيث يعترف أعداؤنا بأن الجمهورية الإسلامية هي من أفضل الدول في مستواها ومن الدول التي يمكنها أن تكون ذات تأثير. يمكن القول إن الجمهورية الإسلامية من حيث الاعتبار الدولي والسياسي في المنطقة هي في الدرجة الأولى. قد تسمعون أشخاصاً، أفضل ما يمكن أن يُقال عنهم إنهم قصيرو النظر ولا يمتلكون رأياً سديداً، يقولون أحياناً إن رئيس تلك الدولة الغربية المستكبرة، أو وزير الخارجية ذاك، أو ذلك المبعوث الدولي قد تلفّظ بكلامٍ سيئٍ تجاه إيران حيث يعدّون ذلك دليلاً على عدم قيمة الجمهورية الإسلامية, هذا خطأٌ. إن الجمهورية الإسلامية اليوم لها موقعية واقتدار في عيون الشعوب والدول وحتى في عيون أعدائها. نحن دولة مؤثّرة. ففي القضايا العالمية نرى أن حضور نظام الجمهورية الإسلامية هو حضورٌ ملموس ولا يمكن مقارنته بحضور دولة أخرى بمستوى إيران من حيث الوضع الاقتصادي والثروة القومية. إن إيران هي أفضل من جميع الدول التي تتقدم عليها أو تساويها من الناحية الاقتصادية فيما يتعلق بالتأثير في السياسات الإقليمية. فهذه كلها مجالات. ثلاثون سنة من تجربة الخدمة والإدارة المتراكمة هي اليوم في خدمة مسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية. فلاستمرار حركة هذا النظام واستقراره وثباته هذه الأهمية وهذا الأثر الكبير وهو تحقّق تجربة متراكمة قيّمة فيما يتعلق بالتعامل مع القضايا العالمية والإقليمية، والقضايا الداخلية للبلد. فهذا بذاته يمثّل أرضية مهمة جداً وبنية تحتية ملفتة.



3 ــ وثيقة رؤية مستقبلية لعشرين سنة قادمة

لقد تمّ تحديد رؤية واضحة، رؤية للعشرين سنة المقبلة في الجمهورية الإسلامية. هذه الوثيقة القيّمة. الحكومات المتعاقبة يمكنها أن تحدّد الأهداف على أساس هذه الوثيقة الرؤية, وكل واحدة منها تقطع مسافة منها لتودع ما تبقى من أعمال الحكومة التي تعقبها. فوجود وثيقة للرؤية يُعدّ من الإمكانات القيّمة لنظام الجمهورية الإسلامية.



4 ــ جيل الشباب المتعلم والواثق من قدراته

وإحدى الإمكانات الكبرى للنظام هو هذا الجيل الشاب المتعلّم المليء بالطاقة والاندفاع في بلدنا. فهؤلاء قد تعلموا ودرسوا ويوجد لديهم اندفاع ويسعون في طريق فهم واستيعاب القضايا المتعددة في مختلف القطاعات ولديهم الثقة بالنفس. ونحن اليوم نستشعر من شبابنا هذه الثقة بالنفس التي لم تكن موجودة في السابق وهي أمرٌ يقلّ نظيره في الشعوب الأخرى. وكل واحدة من هذه القضايا المختلفة الاقتصادية والتقنية والسياسية والاجتماعية والقضايا التي تحتاج إلى العلم والتخصص عندما تُعرض على شرائح الشباب وأهل البحث والتحقيق نجد أنهم يقولون بمنتهى الثقة بالنفس إننا نستطيع. ولا يشعرون بأنهم عاجزون بل لديهم القدرة. وهذه الثقة بالنفس لها أهمية فائقة بالنسبة لشعبٍ أن يشعر بأنه قادرٌ, فلسنواتٍ متمادية تمّ تلقيننا إنكم لا تستطيعون.



كان يُقال لشعبنا إنكم بلا شرف. فسياسيو الدولة كانوا حكاماً جائرين تسلّطوا على بلدنا وتعاملوا في الغالب مع أعداء هذا الشعب وانسجموا معه، فكانوا في أغلب الأحيان يلقّنون بلدنا وشعبنا وشبابنا إنكم لا تستطيعون فلا تحاولوا ولا تضيّعوا جهودكم.

أي ينبغي أن نجلس وغيرنا يقوم بالأبحاث ويتقدّم ونحن نذهب إليهم ونستعطي حتى يعطونا وكأننا بأنفسنا لا نقدر على شيء. فمثل هذه الأمور أُشربت في شبابنا وجيلنا حتى أضحت من مسلّمات هذا الشعب. ففي شبابنا كان أمراً واضحاً في مجتمعنا مثل هذا الشعور بأن الإيراني لا يقدر وأن الأجانب والأوروبيين والأمريكيين هم الذين ينبغي أن يتقدّموا ونحن يجب أن نسير وراء هم ونتعلّم منهم. فأن نقدر على شقّ الطريق بأنفسنا ونشرع في حركة ما ونفتتح بعداً جديداً من أبعاد الحياة الهامة كان من الأمور المستحيلة بالنسبة لشعبنا، واليوم أصبح الأمر معكوساً.



فالشاب الإيراني لا توجد بالنسبة إليه أية قضية مهمة إلّا ويشعر بأنه قادر عليها. لقد ذكرت أنه في المسائل العلمية والتقنية والسياسية ما يُعرض على مجامع أهل التحقيق والأبحاث ـ التي أغلب أهلها من شباب بلدنا ـ من الأعمال والتطورات المختلفة فإن الشاب الإيراني يشعر بأنه قادرٌ على القيام بها هذه الثقة بالنفس أمرٌ هام جداً. فمثل هذه الثقة بالنفس على صعيد المجامع العلمية تقوم على أساس الثقة بالنفس على صعيد الأمة. كما ذكرت قبل عدّة سنوات أن على الشعب أن يصل إلى الثقة بالنفس والحس الوطني أي أن يشعر بأنه يمكن له أن ينجز جميع الأعمال الكبرى بالإرادة والسعي. فنحن لسنا عاجزين في أي عملٍ من الأعمال وهذه الأمور تمثّل أرضية التقدّم.



لهمة أعلى وعمل أكثر من أجل تحقيق الأهداف

حسناً، نحن قلنا إن هذه السنة هي سنة الجهد المضاعف والعمل المضاعف، أي الهمّة الأعلى والعمل الأكثر. إن التعبير بالمضاعف ـ أي المتزايد مرّات عديدة ـ هو الشكل الغائي. فلو أضحى ضعفين أو ثلاثة أو عشرة فلن نقنع، ولكن لا يعني ذلك أننا إذا لم نتمكن في مجال ما من أن نضاعف عملنا مرّتين أو مرة ونصفاً أن نيأس, كلا، المهمّ أن يكون لدينا همّة أعلى مما سبق، ونزيد من عملنا مقارنة بالسابق. هذا هو شعار العام. هذه الشعارات ليست مجرّد استعراض، ولا أنّها بحيث نتخيّل أنّ هذا الشعار سيحلّ جميع مشكلات البلد هذه السنة، كلا، فهو ليس مجرّد مجاملات أو استعراض بل إنّه يدلّنا على الخط الواضح.



في السّنة الماضية قلنا إنّها سنة ترشيد الاستهلاك. ومن هنا ذكرت بداية السّنة الماضية أن ترشيد الاستهلاك ليس شيئاً يمكن أن يتحقق في سنة واحدة. ففي العام الماضي قلنا إنّه عام بداية تحرّكٍ نحو ترشيد الاستهلاك. وقد بدأت الحركة. ولا يمكنني هنا أن أقول إن الاستهلاك قد صلُح, كلا، فلا زال أمامنا مسافة طويلة. فما لم نرشد الاستهلاك ونصلحه، وما لم نعرف كيف نستهلك الماء والكهرباء والخبز والمال، ما لم نحسن استهلاك هذه الأشياء وطرقها فإن مشاكلنا ستبقى كما هي. علينا أن نتابع عملية ترشيد الاستهلاك. وفي العام الماضي قام المسؤولون بأعمال وأعدّوا الأبحاث، ولكن يجب أن لا يتوقف هذا العمل. هذا هو الذي يدلّ على الجهة, وقد علمنا أنّ في العام الماضي كانت قضية ترشيد الاستهلاك قضية أساساً وأن علينا متابعتها. وفي هذا العام الأمر كذلك.



فعندما نقول إن علينا في هذه السنة أن نبذل المزيد من الجهد فلا يعني ذلك أنه مختصٌّ بهذا العام. مضاعفة الجهد وإعلاء الهمّة ليس مختصاً بعام 1389.



إن علينا أن نجعل هذا كمؤشرٍ أمام ناظرينا يدلّ على الطريق ولا ينبغي أن نخفض من جهدنا فأمامنا أعمالٌ كبيرة وأهدافٌ سامية تنتظرنا وعلينا أن نرفع من هممنا لكي نتمكن من الوصول إلى تلك الأهداف، ويجب أن نزيد من حجم العمل ويجب أن تتراكم الأعمال حتى نتمكّن من الوصول إلى تلك الأهداف.



للإستفادة من الإمكانات الموجودة إلى أقص الحدود

والآن همّة أعلى وعملٌ أكثر, يجب القيام بالمزيد من الجهد والعمل على هذا الأساس. وهناك ميادينُ مختلفة. ولا ينبغي أن نسمح بانقضاء الوقت. فلكل سنة من السنوات التي طوتها الثورة، ولكل شهرٍ، ولكل يومٍ، وزنٌ ومقدار وقيمة لا ينبغي أن تضيع منّا. لعلّ بعض الأعمال قد توقّفت طوال الأشهر الثمانية من سنة 1388 بسبب ما قام به المفتنون وشوّشوا بعض الأذهان، فيجب جبران الأمر. ويجب أن تكون الحركة حركة سريعة. توجد ميادين عديدة: ميدان العلم والتحقيق بالدرجة الأولى، الجامعات ومراكز الأبحاث في جميع المجالات، العلوم التطبيقية، العلوم الإنسانية في جميع القطاعات التي تحتاجها الدولة، يجب أن تزيد من جهدها في البحث والعلم, وأن يضعوا نصب أعينهم مراحل أعلى، ويجعلوا العمل متراكماً.



أ ــ ترشيد إستهلاك المياه وأنواع الطاقة

أنا أقول إن على شبابنا أن يجعلوا هممهم بحيث يصبح بلدهم بعد مرور حوالي عقدين من الزمن مرجعاً علمياً لعلماء العالم، وهذا ما يتطلب همّة مضاعفة وعملاً مضاعفاً في ميدان العلم والأبحاث ليستفيدوا بذلك استفادة جيّدة من الموارد والإمكانات الموجودة في البلد. وعليهم أن يستفيدوا إلى أقصى حدّ من كل ما يمكن أن يبني بلدهم في المستقبل أو يحقق الرفاه في الحياة العامة للشعب, أي ممّا يُعدّ ترشيد الاستهلاك أحد أركانه، فيستفيد من مياه البلد استفادة صحيحة.



فنحن اليوم لا نستغلّ المياه بشكلٍ صحيح، ففي السنة الماضية التي طرح فيها ترشيد الاستهلاك قام المحققون في بلدنا بإجراء الأبحاث وأطلعونا أنّه لو اقتصدنا في المياه التي نستهلكها على طول البلاد بنسبة عشرة في المئة فإن هذه النسبة تعادل كل الاستهلاك الذي يحدث على صعيد مياه الشفة والصناعة.



فاليوم هناك 90% من مياه البلد التي تُستهلك في القطاعات الزراعية ـ بطريقة خاطئة ومسرفةـ فإن عشرة بالمئة منها هو لأجل مياه الشرب والصناعة وغيرها من موارد الاستهلاك، أي أننا لو اقتصدنا في العمل الزراعي ما نسبته عشرة بالمئة فإنّ كميّة المياه المستعملة في الشرب والصناعة وأمثالها ستصبح ضعفين. المسألة مهمّة بهذا المقدار. أما قضيّة استهلاك الكهرباء وأجهزة الطاقة ـ البنزين والمازوت ـ فهي مسألة مهمة أيضاً. إن هذه اللائحة الموجِّهة للبرامج التي طُرحت ناظرة إلى هذه القضايا وهي لائحة هامة جداً.



إنني أوصي في هذا المكان وفي حضوركم أيها الأعزاء، سواء السلطة التنفيذية أو التشريعية اللتين ينبغي أن تتعاونا في هذه القضية الهامة. فمن أحد أطراف القضيّة ننظر إلى السلطة التنفيذية التي يقع على عاتقها هذا الحمل ويجب على الحكومة أن تقدم وتعمل ويجب على جميع الأجهزة الأخرى ومنها الجهاز التشريعي أن يقدّم العون لهذه الحكومة ـ ومن جانب آخر يجب أن تراعي هذه الحكومة ما هو قانونيٌّ وقد طوى مراحله القانونية وتعمل وفقه، لهذا يجب على الحكومة والمجلس ـ السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ـ أن يتكاتفا في تحركهما ويتعاونا ويحضرا معاً "يد الله مع الجماعة". فإذا اجتمعا فإن الله سيعين.



ب ــ رفع نوعية الإنتاج المحلي

لهذا فإن الاستخدام الجيّد للموارد والثروات الموجودة في البلاد أمرٌ مهم من غير إسراف وتبذير. الهمّة المضاعفة والعمل الزائد في رفع نوعية الإنتاج المحلي هما العملان الأساسان. فنحن اليوم لدينا إنتاجٌ محليٌّ كثير سواء على مستوى الصناعة أو الزراعة وعلينا أن نولي نوعيته اهتماماً خاصاً ونرفع من مستواه. ينبغي أن يكون الأمر بحيث يشعر المستهلك بأن ما يُنتج في بلده وعلى يد العامل الإيراني بلحاظ النوعية أفضل من المنتَج الخارجي أو بالحد الأدنى في مستواه.



ج ــ العناية بقضية الصحة ومتها الرياضة

الهمّة المضاعفة والعمل المضاعف في مجال الصحّة. فإن قضية الصحّة ينبغي الاعتناء بها في الخطّة الخمسية وكذلك في الخطط التنفيذية المختلفة على صعيد الأجهزة كافّة. وأحد أقسام قضيّة الصحّة ما يتعلّق بالرياضة العامّة، حيث إنني أوصيت مراراً وأعود لأوصي مجدّداً. فالرياضة العامّة لازمة للجميع. فإن النشاط والصحّة والجهوزية والرغبة بالعمل يمكن تحقيقها في ظل الرياضة العامّة للمجتمع.



د ــ إستثمار رؤوس الأموال المجمدة في خزائن الأغنياء

الهمّة المضاعفة والعمل المضاعف في الاستثمار وفي الإبداع. فالكثير من أولئك الذين يمتلكون رؤوس الأموال والمداخيل الكبيرة لا يعرفون كيف يستعملون هذه الثروات. وهنا تبرز قضية ترشيد الاستهلاك. فبدلاً من أن يضعوا أموالهم في الاستثمارات الإنتاجية يستهلكونها في الكماليات والرحلات الخارجية العبثية وغير المنتجة والتي تكون أحياناً فاسدة، ويجدون مبرراً لتغيير الأثاث وتجهيزات المنزل, إن مثل هذه الأشياء تُعد تصرّفات مسرفة فيما يتعلّق بالثروة. فيمكن أن يستثمر بهذا المال وبهذا المدخول. واليوم فإن وسائل هذا العمل متوفرة. فمن خلال تنشيط البورصات الموجودة في البلد يمكن استثمار الأموال. فالجميع يمكنهم أن يضاعفوا رساميلهم في الاستثمارات.



هـ ــ إنتاج الفكر ورفع مستوى الثقافة

إن إحدى القضايا المهمّة التي تتطلبها الهمة المضاعفة والعمل المضاعف قضية إنتاج الفكر, المطالعة، ورفع مستوى الثقافة العامّة في المجالات المختلفة. وما اقترحناه فيما يتعلّق بكراسي الفكر الحر في الجامعات وفي الحوزات إذا طُبّق يمكن أن يحدث تياراً فكرياً سيالاً عظيم المنفعة بالنسبة للمجتمع.



و ــ محاربة الفقر والفساد

والأهم من كل هذا: الهمّة والعمل المضاعفان في محاربة الفقر والفساد والظلم. هذه أشياء نضعها نصب أعيننا.

وعلى الشعب والحكومة والمسؤولين السعي. ولا نشك أننا نواجه تحديات وموانع.







من كلمة الإمام الخامنئي

في ملتقى أساتذة الجامعات في شهر رمضان المبارك

05-09-2010



الشعب الإيراني يعيش طفرة حركته العلمية بالرغم من التحديات الكثيرة



العناوين الرئيسية

البلد يحتاج إلى جهاد علمي

العلم قدرة تحتكره الدول الغربية لدوام هيمنتها

شعبنا أطلق حركته العلمية ويتقدم فيها باستمرار

نحن نتقدم والطريق لا تخلو من تحديات

ضرورة إستناد تنمية التعليم العالي إلى حاجات البلد



البلد يحتاج إلى جهاد علمي

إن الجامعة هي محرّك تطور البلد. ولا شك في هذا أبداً. فلو أن شعباً أراد العزة والاستقلال والاقتدار والثروة فعليه أن يزيد جامعته قوة. ولحسن الحظ فإن هذه النقطة مستقرة في ذهنية مسؤولي البلاد, فالكلّ قد أدرك أن عليه الاهتمام بالجامعة.



إن البلد اليوم بحاجة إلى جهادٍ علمي. وعندما أذكر العلم هنا فإن قصدي هو المعنى العام للعلم وليس العلوم التجريبية فقط. يلزمنا جهادٌ علمي. وسوف نعرض الآن بعض المطالب التي ذكرها الإخوة والأخوات وإذا كان هناك من تعليق فسوف أذكر فيما يلي, ولكن ما يبدو لي كقاسمٍ مشترك بين جميع القضايا ـ حيث أرى نفسي مسؤولاً وملزماً أن أذكرها وأتابعها وأمعن النظر فيها بدقة وحرص وتمحيص، لأرى إلى أين ستصل ـ هو أن البلد بحاجة إلى جهاد علمي.



مفهوم الجهاد

لاحظوا، إن الجهاد له معنىً خاص. الجهاد لا يعني مجرّد السعي. ففي المفهوم الإسلامي يكون الجهاد عبارة عن ذلك السعي مقابل عدو ما أو خصم. فليس كل سعيٍ جهاداً. فجهاد النفس، وجهاد الشيطان، والجهاد في الميدان العسكري هو مواجهة عدو أو مخالف. ونحن اليوم في مجال العلم بحاجة إلى مثل هذا السعي في البلد, نشعر بأن هناك موانع علينا أن نزيلها، وعوائق يجب أن نحطّمها .



العلم قدرة تحتكره الدول الغربية

وفي مجال توفير الإمكانات العلمية يوجد خسة لدى أولئك الذين يمتلكونها ـ وهي الدول المتطورة علمياً ـ وعلينا أن نظهر من أنفسنا في المقابل عزّة ونهضة تحركاً نحو الأفضل. العالم اليوم ورغم تظاهره بالسخاء العلمي هو في منتهى الخسّة من حيث العلم. فالذين تمكّنوا، لعوامل مختلفة، من أن يمتلكوا في فترة ما تطوراً علمياً واعِتلوا مركب التطور وتفوّقوا على غيرهم ـ وهم الدول الغربية المتطورة التي حصلت على ذلك منذ عصر النهضة, وقد كان ذلك في أيدينا يوماً ـ هم احتكاريون, فهم لا يريدون أن تتسع دائرة هذا العلم وهذا الاقتدار, فلهذا يخالفون علم الشعوب, وخصوصاً بعد أن أصبح هذا العلم وسيلة بأيديهم للسياسة.



فالاستعمار ظهر من العلم. والعلم هو الذي مكّنهم وجعلهم مقتدرين, لهذا جالوا العالم واستعمروه, هذا حينما كانت الشعوب تعيش مستقلة. فأين هي بريطانيا وأين هي أندونيسيا؟! فأولئك استطاعوا أن يحتلوا تلك المناطق بواسطة العلم. وعندما صار الاستعمار وليد العلم واعتمدت القوة الدولية والقدرة السياسية على العلم، قالت إنه لا ينبغي لهذا العلم أن يكون بيد الآخرين, وإلا فإنه يهدد هذه القدرة. وها هم اليوم وما زالوا على هذا المنوال. وها إن شعباً يريد ويصمم على الوقوف على قدميه واستخدام طاقاته، ولحسن الحظ فإن هذه المجالات قد تحققت له بطريقة ما ـ وشعبنا هو كذلك ـ ولعل هناك شعوباً أخرى لو أرادت أن تقف على أقدامها في قضية العلم لما استطاعت, لأنه ليس لديهم تلك السابقة التاريخية ولا ذاك الاستعداد المحلي والإقليمي والذاتي. وبلدنا بحمد الله لديه كل هذه الأمور.

فالثورة حصلت، وانبعث التحرّك العظيم وتحقّقت الصحوة والشعور بالاقتدار وبدأت حركة مهمة أثمرت تطوراً وافراً. وعلينا أن نذعن ونعترف بأن هذه الحركة ما زالت في بدايتها. فنحن في بداية الطريق.



شعبنا أطلق حركته العلمية ويتقدم فيها باستمرار

أشار الأصدقاء إلى التخطيط لمئة سنة. بالطبع إنني لا أعتقد بالتخطيط لمئة سنة, لكنني أستحسن هذا التفكير وهذه الروحية التي نشعر معها بأننا ما زلنا نخطو الخطوة الأولى رغم مرور ثلاثين سنة, حتى إذا أردنا أن نخطو عشر خطوات فهذا يعني ثلاثمائة سنة. علينا أن نعلم أننا في خطواتنا الأولى، ويجب أن نعلم أننا نستطيع أن نخطو خطوات أكبر, يجب أن نخلق هذا الشعور. وإنني أعتقد بأنه سيتحقق حتماً, فمثلما أن هذه الحركة العلمية العظيمة وهذه الإبداعات العلمية وهذا الإنتاج العلمي والعبور إلى حدود العلم لم تكن لتخطر على بالنا, وها هي قد طُرحت وقيلت وتوبعت, وها أنتم ترون ثمراتها اليوم، لهذا فإننا نستطيع أن نخطو خطوات أكبر ونستطيع أن ننجز أعمالاً كبرى.



نحن نتقدم والطريق لا تخلو من تحديات

فهناك من يجلس على قلب الطالب الجامعي والأستاذ ليتلو عليه آيات اليأس والإحباط: هذا لا يتحقق، وهذا لا نقدر عليه، وهذا لا فائدة منه. فهؤلاء في الواقع مثل حشرة العث: مخلوقات دنيئة ومخربة ومدمرة. فالبلد يتحرك نحو الأمام بكل يسر. والغرسة قد أصبحت بحمد الله شجرة طيبة: كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. فنحن نتقدم على صعيد جميع المجالات. وبالطبع نواجه تحديات. ولو أراد المرء أن لا يسقط أرضاً فعليه أن لا يسير أبداً. وإذا أردنا التحرك فهناك سقوط وارتطام. ومواجهة التحديات تعد من خصائص حركة أي شعب، وبدونها لا تكون حركة. فبهذا اليسر والثبات يتقدم شعبنا، فيما تجلس جماعة من الناس لنشر اليأس والإحباط. كلا، فواقع الأمر ما ذكره الدكتور هنا. وبالطبع كان يتحدث بخصوص قطاع الطب, والأمر كذلك في القطاعات الأخرى، وقد تحدث أصدقاؤنا عنها. وهنا لاحظت أن بعض المتحدثين ليس لديه اطلاع على بعض الأقسام الأخرى, وأنا مطلع عليها. على سبيل المثال في التكنولوجيا العسكرية هنا إنجازات كثيرة ومدهشة. وما يشاهده المرء في التلفزيون ليس سوى واجهة, والواجهة لا يمكن أن تُظهر حقيقة الأمر وعظمته وتعقيداته. لقد أُنجز الكثير.



ضرورة إستناد تنمية التعليم العالي إلى حاجات البلد

النقطة الأخرى هي أن تكون التنمية في مجال التعليم العالي متوجهة نحو الأهداف. وعلى مسؤولي التعليم العالي اجتناب التنمية غير الهادفة بشدة. لأن فيها إهداراً للمال وإهداراً للموارد البشرية.

وعلينا أن ننظر إلى ما نحتاج إليه وما هو الهدف وإلى أين نريد أن نصل, وعلى أساس ذلك تكون تنمية وتطوير البيئة المتعلقة بالتعليم العالي، فنسير على هذا الأساس نحو أهدافنا. وبرأيي فإن هذه القضية حساسة جداً ومهمة. ويجب إحصاء الحاجات الأساس للبلد في مجال العلوم والتكنولوجيا وكذلك في مجال العلوم الإنسانية والقيام بوضع الخطط على أساسها, فنكون على علم بالعدد المطلوب من الجامعيين والجامعات وما هي الفروع المطلوبة، وما هي المستويات اللازمة فيها.







من كلمة الإمام الخامنئي

في المسؤولين التنفيذيين بمحافظة قم

المناسبة: الزيارة الخاصة لمدينة قم

27-10-2010



الثورة قطعت أشواطا للنهوض من التخلف الموروث من عهود الطاغوت



لقد فرضوا علينا التأخر في المجال العلمي طوال مائة عام أو مائة وخمسين عاماً. وكذا الحال على صعيد الصناعة، ونفس الحالة تصدق على المجالات الاجتماعية المختلفة. الحكومات الفاسدة المستبدة اللاهثة وراء شهواتها وبطونها، وفي العقود التي سبقت الثورة كانت هناك حكومات عميلة وتابعة بشدة، أذاقت تلك الحكومات البلاد الويل. ذات يوم كان هناك الاستبداد والدكتاتورية فقط ـ دكتاتورية ناصر الدين شاه، وفتح علي شاه ـ ولم تكن هناك تبعية. ولكن في وقت لاحق كان في البلد استبداد وعسف وضغط على الشعب، وإلى جانب كل ذلك خدمة الأجانب والعمالة لهم. رضا خان الشقي الذي كان يتهجم على الشعب كالذئب المتوحش، أعطى لأسياده الإنجليز أي امتياز طلبوه منه. أخذ معاهدة النفط وألقاها في المدفأة حسب الظاهر، ولكن بعد أيام وقّع معاهدة أسوأ وأخزى ولمدة طويلة ـ أضاف ثلاثين سنة أخرى على فترة المعاهدة السابقة - وسلّمها لهم! وكان مسؤولو حكومته تبعاً له. بعد زوال رضا خان قالوا لتقي زاده الذي كان وزير المالية آنذاك لماذا وقّعت تلك المعاهدة في ذلك الحين؟ فقال إنما كنتُ آلة الفعل. أي إن رضا خان نفسه هو المسؤول. الشخص الذي يتعامل مع شعبه بكل هذه الوحشية والوقاحة والعدوانية، كان ذليلاً صاغراً أمام الإنجليز. هم الذين جاءوا به إلى السلطة. في فترة من الفترات أراد الانتقال من قطب دولي إلى قطب دولي آخر ـ حيث مال نحو الألمان ـ فعزلوه وأخرجوه من إيران كعبد ذليل ونصّبوا ابنه مكانه.



هكذا عاش بلدنا سنين طوالاً. كان هذا الشعب تحت ضغط الحكومات المستبدة الفاسدة الدكتاتورية الجشعة سنين طوالاً. أينما كان في هذا البلد مُلك عامر سجّله رضا خان باسمه.. في مازندران، وفي خراسان، وفي الكثير من المناطق الأخرى.. جمعوا الثروة والأموال والأملاك والمجوهرات، وفي النهاية أخذوا مبالغ من الثروة الوطنية وهربوا.

أُخذت إلى أمريكا الآن مليارات الدولارات من أموال هذا الشعب. في بداية الثورة طلبنا من أمريكا إعادة الثروة التي أخذتها العائلة البهلوية معها إلى الخارج، فلم يسمعوا، وكان واضحاً أنهم لن يسمعوا، فهم جميعاً من سنخ واحد.



وببركة الثورة فكّر هذا الشعب في تجديد حياته، وسار في طريق تجديد الحياة، وأنجز أعمالاً كبيرة، لكن أمامه أعمالاً أكبر. لا تزال أمامنا أعمال كبيرة يجب أن ننهض بها من الناحية العلمية والتقنية والخدمية، ومن حيث المؤسسات المختلفة وتنظيم البلاد. ليس بكثير كل ما تقومون به من أجل هذا الشعب. هذا ما أقوله لكم وأوصيكم به.







من كلمة الإمام الخامنئي

في مراسم تخرج جامعة الشهيد ستاري للقوة الجوية

10-11-2010



"إقتدار" نظام إيران الإسلامي قوامه الشعور بالتكليف الإلهي والثقة بالله





روح "الإقتدار" في المجتمع الإسلامي ؛ ألإيمان والثقة بالله

كل المجتمعات والبلدان في العالم تحتاج من أجل أن تستطيع ضمان أمنها والسير في درب عزتها والوصول إلى الاستقرار المادي والمعنوي، إلى الاقتدار الذي يوجد جانب مهم وأساس منه على يد القوات المسلحة في أي مجتمع أو بلد. الفارق الرئيس يكمن في أن نموذج الاقتدار في الأنظمة المادية التي تحكم العالم اليوم يختلف عن نموذج الاقتدار في النظام الإسلامي.

الاقتدار في الأنظمة المادية يعتمد على ركائز القوة المادية: المال والسلاح والإعلام المخادع، والمنافق والمزيف إذا استدعت الحاجة. أما في النموذج الإسلامي والمعنوي فإن هذا الاقتدار يعتمد بالدرجة الأولى على العامل المعنوي والقيم المعنوية والإلهية، وعلى الإيمان، وعلى الثقة بالله تعالى، وعلى السعي المخلص في سبيل المبادئ العليا.

وليس المطلوب أن لا نهتم للسلاح ولا نكترث للنظام والتجهيزات والمعدات والتدريب، فكل هذا لازم. لكن روح كل هذه الأمور- والتي تعدّ الجسم والقالب له- هو الشعور بالتكليف الإلهي والاتكال على الله تعالى.

هذا هو ما يجعل الجيش والقوات المسلحة والشعب مقاوماً وثابتاً إلى درجة تعجز معها القوى المادية عن إخضاعه، وتحقق له النصر النهائي.



شواهد على تفوق العوامل المعنوية على المادية

وهذا ليس على مستوى النظرية فقط، وهو ليس من باب الخيال والتمنيات والطموحات المجنّحة، إنما هو تجربتنا العملية.



أ ــ هزيمة الحكم الطاغوتي الشاهنشاهي

بوسعكم أيها الشباب الأعزاء مطالعة هذه الحقائق بدقة في التاريخ القريب لبلدكم، وانتصار الشعب الإيراني في مواجهة النظام الطاغوتي مصداق كامل لانتصار العوامل المعنوية على العوامل المادية.

النظام الطاغوتي كان نظاماً تابعاً عميلاً فاسداً يحكم في هذا البلد العزيز المظلوم بالاعتماد على مختلف أدوات الاقتدار المادي المستندة إلى القوى الدولية، لكنه انهزم مقابل شعب أعزل متسلح بالإيمان والثقة بالنفس.



ب ــ تجربة الدفاع المقدس

التجربة الثانية هي تجربة شعب إيران في فترة الدفاع المقدس. كان شرق العالم وغربه يدعم آنذاك النظام البعثي الفاسد المفسد.

أمريكا كانت تدعمه، والناتو كان يدعمه، والاتحاد السوفياتي كان يدعمه، والحكومات الرجعية في المنطقة كانت تدعمه وتمده بالمال والسلاح والمعلومات والقوى البشرية من أجل أن يستطيعوا هزيمة نظام الجمهورية الإسلامية. لكن شعب إيران استطاع وسط حظر تام وشامل، وخصوصاً الحظر المفروض على الأسلحة والمعدات الحربية، وفي مناخ غربة تامة، وبالاعتماد على إيمانه وإيمان شبابه وشجاعة قواته المسلحة وبسالتهم، استطاع أن يهزم العدو المعتمد على جبال من السلاح والمعدات، ويهدر كل تلك التكاليف والأموال التي رصدوها لدعم النظام المعتدي.



ج ــ عجز الإستكبار اليوم عن مواجهة إيران الإسلامية

والحال كذلك اليوم أيضاً. اليوم أيضاً لم يجد الاستكبار بعد طريق مواجهة إيران الإسلامية بالاعتماد على القوة المادية وتجهيز أصدقائهم والمقربين منهم بالسلاح - لاحظوا كم يدخل المنطقة من السلاح المتطور، وكم يُنفق من أموال شعوب هذه المنطقة على هذه الأسلحة، ويذهب إلى جيوب أصحاب الصناعات الحربية الأمريكية والغربية - دون أن ينفع شيئاً.

?فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً?1 ينفقون هذه الأموال لكنها لن تنفعهم شيئاً ولن تحقق لهم أهدافهم.



لإيران الإسلام أيضا قدراتها المادية المتفوقة

وقد استطاعت إيران الإسلامية باعتمادهما على الإيمان أن تتفوق على الآخرين في مجال المعدات والأدوات المادية أيضاً.

طبعاً كانت القوة الجوية في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وشهداؤها الأبرار كالشهيد ستاري، والشهيد بابائي، والشهيد خضرائي، والشهيد دوران، وغيرهم وغيرهم السباقين في هذا الدرب.

أول مؤسسة لجهاد الاكتفاء الذاتي في القوات المسلحة تأسست في القوة الجوية. صنع كوادر الطيران الملاحم بشكل، والكوادر التقنية صنعوا الملاحم بشكل. والجمهورية الإسلامية لن تنسى هذه الخدمات أبداً.

لقد نهض الجيش في هذا الميدان ونهض حرس الثورة أيضاً ونهض مسؤولو القوات المسلحة على اختلاف مستوياتهم ومجالاتهم وقدمت الجامعات المساعدات وتعاون علماء البلاد. والشعب الإيراني اليوم يعتمد علاوة على قوى إيمانه ومعنوياته وقيمه الروحية على أدوات مادية صنعها بيديه وبإبداعه، وهذه كلها مفاخر.

1- سورة الأنفال، الآية 36.







من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في يوم المعلم

العلم والتطور 05-05-2010



دور المعلم في مستقبل المجتمع والبلد حيوي واستثنائي



دور المعلم في المجتمع حيوي واستثنائي

ثمة نقطة أساس هي أن على معلمي البلاد معرفة عظمة العمل الذي أخذوه على عواتقهم وراحوا يقومون به. إذا علم المرء أي عمل عظيم يقوم به سوف يتضاعف تحفزه وحركته وإيمانه وسعيه في هذا العمل. كالجندي الشجاع الذي يعمل ويجاهد في نقطة حساسة من خطوط الجبهة، فإن دوره الجهادي من العظمة والأهمية بحيث يمكن أن يؤثر وينفع للجبهة كلها. إذا علم المقاتل هذه الحقيقة فلن يتعب أبداً ولن يملَّ إطلاقاً، ولن يؤثر فيه أيُّ عامل من عوامل اليأس. هذه نقطة يجب أن تكون حاضرة دوماً أمام أعين معلمينا وهي أن دور المعلم بالنسبة للمجتمع دور حيوي ولا يقبل المقارنة مع الكثير من الأدوار المهمة والحساسة في التركيبة الاجتماعية.



دور المعلم أقوى تأثيرا من سائر عوامل التنشئة للطفل

هذه المادة الخام التي توضع تحت تصرف المعلم لوح بسيط، وعلى حدّ قول الشاعر: "أنا لوح بسيط مستعد لتقبّل أية نقوش". واليد الرسامة ترسم على هذا اللوح وتمنحه هوية جديدة. ثمة عوامل مختلفة: عوامل التربية والدين والأحداث الاجتماعية والمؤثرات الخارجية، وفي عصرنا الحاضر: وسائل الإعلام وما إلى ذلك جميعها مؤثر، بيد أن دور المعلم يبقى دوراً بارزاً مميزاً.



بوسع المعلم أن يُخرج هذه المادة الخام حتى من أسر العوامل الوراثية. وقد أثبت العلم ذلك. كما أن العوامل الوراثية السلبية كالأمراض والأعراض الجسمية يمكن إزالتها بتدابير معينة وأعمال وقائية وأنشطة محددة، كذلك الحال بالنسبة للعوامل الوراثية الأخلاقية والروحية والمعنوية.



بوسع المعلم تربية هذا الحدث أو الطفل وجعله إنساناً عالماً مفكراً يتحلى بروح البحث العلمي ويرغب في البحث والدراسة والعلم، أو يجعله إنساناً سطحياً غير راغب في العلم والتعمق والبحث العلمي. بوسعه أن يخرِّجه ويقدمه للمجتمع إنساناً شريفاً نجيباً خيّراً طيب القلب طاهر النفس، أوعلى العكس قد يجعله إنساناً شريراً مسيئاً. وبمقدوره أن يجعله إنساناً متفائلاً ذا ثقة بالنفس ومملوءاً بالأمل ومحباً للعمل والنشاط، أو على الضد من ذلك يمكنه تخريجه إنساناً يائساً قانطاً منعزلاً ومنكفئاً على نفسه.



كما بوسعه أن يجعل منه إنساناً متديناً تقياً ورعاً وطاهراً، أو إنساناً غير مبالٍ وغير آبه للقيم الأخلاقية والتعاليم الدينية. بوسعه التغلب حتى على عوامل التربية الخارجية مثل وسائل الإعلام. بل إن التعليم المستمر على مدى سنوات والعمل على هذه المادة الخام والقلب المستعد لتقبّل الأشكال المختلفة، يمكنه التفوق حتى على الدور التربوي للوالدين. هذا هو دور المعلم.



المجتمع بحاجة إلى أفراد مؤمنين متحفزين صبورين متفائلين آملين مهتمين بالمصالح العامة وراغبين في الوصول إلى قمم الكمال الفردي والاجتماعي.. أناس مبتكرين محققين باحثين وطلاب تقدّم. من الذي سيخلق ذلك؟ هنا يبرز دور المعلم. جهاز التربية والتعليم مهم وحساس إلى هذه الدرجة. طبعاً، قيل الكثير عن قضايا التربية والتعليم ودور المعلمين. ونحن اليوم لسنا في ظروف تسمح لنا أن نكتفي بالكلام، بل نحتاج إلى العمل.



واجب المعلمين إعداد جيل مسؤول وطموح

توصيتي لكم جميعاً أيها المعلمون الأعزاء والمعلمون في جميع أصقاع البلاد هي أن تؤمنوا بدوركم العظيم هذا وأن تعلموا أي دور خطير تمارسونه لمستقبل البلاد.



تعرّض بلدنا طوال قرون لخسائر جسيمة وتخلّف كبير وغفلة لا يمكن تعويضها.. مع ما نشاهده اليوم، ومع ظهور الثورة الإسلامية وبهذه الحركة والمسيرة الجديدة، يجب أن يسير هذا البلد في الطريق الجدير به والجدير بتراثه والقيِّم بإسلامه.. وهذا بحاجة إلى حركة عظيمة.



ليلتفت المعلمون الأعزاء. أيَّ إنسان بحاجة لغد هذا البلد. ما هي الخصوصيات التي يجب أن يتميّز بها رجالنا ونساؤنا من أجل بناء هذا البلد بشكل مطلوب وجيد؟ هذا ما يتمّ على أيديكم. هذا الحدث أو الطفل الجالس في الصف أمامكم هو تحت تصرفكم ويمكنكم تعزيز روح الثقة بالنفس لديه وزرعه بالأمل ودفعه إلى سوح العمل من خلال كلامكم وأسلوبكم وسلوككم معه، وبمقدوركم بثّ روح التدين فيه كما ينبغي له. يمكنكم جعله إنساناً ذكياً دؤوباً اجتماعياً محباً لمصالح المجتمع، وإيقاظ روح الإبداع لديه. معلمنا الواعي يمكنه القيام بكل هذا داخل الصف الدراسي.



هذا هو الواجب العام للمعلمين في كافة أنحاء البلاد. طبعاً، من أجل أن يقوم المعلم بكل هذا يشعر أنه بحاجة إلى توجيه وإرشاد دقيق من قبل المجتمع والمفكرين ومتخصصي التربية والتعليم. هذه الحاجة هي التي تفرز الثمار وتأتي بها. إذا شعر المعلمون بهذه الحاجة سينعكس شعورهم هذا فوراً على الأجهزة المنتجة في البلاد، فيتمُّ إنتاج ما نحتاج إليه. ما لم نشعر بالحاجة وما لم نسأل وما لم نطلب فلن يصار إلى إنتاج الشيء الذي نحتاجه. هذا هو دور التربية والتعليم.



الشهيد مطهري مثال أعلى للمعلم المسؤول

وأقول حول شهيدنا الغالي المرحوم آية الله مطهري (رضوان الله تعالى عليه): الحق أن سلوك ذلك الرجل الكبير وطبعه كان دليلاً ومؤشراً على معلم كامل يشعر بالمسؤولية. لم يتخلف عن الخوض في أي مجال من المجالات التي تحتاج إلى حضور المفكر الإسلامي، ولم تستطيع الملاحظات والمصالح والاعتبارات المختلفة إعاقته ومنعه من الخوض في هذا المجال أو ذاك، سواء في المجالات السياسية أو الصعد الفكرية.



أــ فكر ديني يماشي روح العصر

على مستوى الإجابة عن الأسئلة المختلفة التي كانت تشغل ذهن شبابنا في تلك الفترة لم يكن الشهيد مطهري كبعض أدعياء التنوير الديني يعرض أفكاراً أجنبية على منطق الدين ومحتواه بطلاء ديني وقوالب دينية، بل على العكس، قدّم المفاهيم الدينية الحقيقية بمظاهر تتناسب مع روح العصر ومع أسئلة المتلقّين واحتياجاتهم.



لم يكن يلهث وراء أن تمدحه مجموعة معينة أو فئة فكرية خاصة. حارب الرجعية والتخلّف الفكري والتحجر والأفكار الدينية الخاطئة - الناتجة عن التحجر والرجعية - بنفس المقدار والشدة اللذين واجه بهما البدع والأفكار المنحرفة والانتقائية. هذه كانت ميزة ذلك الرجل الكبير.



ب ــ فكر عميق لا يزال حيا إلى اليوم

لم يتعب، بل كان دؤوباً يبذل جهوده دون انقطاع. ولم يتقيّد بالأسماء والعناوين الجامعية والحوزوية الدارجة. نزل إلى الساحة كجندي من جنود الفكر والتأمل. عمل بإخلاص وقد بارك الله تعالى في عمله. واليوم بعد ثلاثين عاماً على استشهاد ذلك الرجل الكبير لا يزال كلامه جديداً حياً، وكأنه كُتب لهذا العصر.



في ذلك الوقت كان ثمة من ينتفع من آرائه وأفكاره على مختلف المستويات الفكرية ويستخلص إجاباته من أفكاره، واليوم أيضاً حيث تطورت الأفكار وحُلَّت الكثير من المسائل التي واجهت أذهان الباحثين، لا يزال فكر الشهيد مطهري يجيب عن أسئلة جديدة. وهذه هي سمة الفكر العميق المصحوب بالإخلاص.





مسؤولية مفكرو البلد إستشراف ألآفاق الفكرية لمستقبل البلاد

الإخلاص حالة معجزة. إذا وضع الإنسان قدميه في طريق معينة من أجل الله، بارك الله في عمله، وهكذا يتحول الجهد الذي بذله ذلك الرجل العظيم والشهيد العزيز طوال عقود من الزمن ذخراً لا ينفد لمجتمعنا. هذه مهمة تقع على عواتقنا جميعاً وعلى كافة الأصعدة.

شعبنا وبلدنا اليوم، وبعد مضي ثلاثة عقود على أكبر حدث وقع في هذا البلد بعد دخول الإسلام إليه - أي قيام النظام الإسلامي وهذا أكبر حدث - لفت إليه أنظار العالم الإسلامي وليس المنطقة وحسب، بل ترك بصماته على المعادلات السياسية في العالم، وقد حقّق الشعب والحمد لله في هذه الأعوام الثلاثين تقدماً كبيراً في المرافق المختلفة من المناسب اليوم أن ينظر مفكرو البلد إلى أفق المستقبل ويروا ما الذي يريدونه وماذا يريدون أن يفعلوا.

 

2017-02-24