يتم التحميل...

الولاية وانتظار الفَرَج

ربيع الثاني

نعيش في عصرنا الحاضر تحت فَيْءِ وولاية الإمام الثاني عشر من الشجرة الطيبة، ونقتات من مائدة ولايته. وإذا كانت يدنا قاصرة عن الوصول إليه، فهل يمكن أن نعتبر غيبة الولي ذريعة للتنصل من العمل تمهيداً واستعداداً لظهوره؟

عدد الزوار: 37

الولاية وانتظار الفَرَج


نعيش في عصرنا الحاضر تحت فَيْءِ وولاية الإمام الثاني عشر من الشجرة الطيبة، ونقتات من مائدة ولايته. وإذا كانت يدنا قاصرة عن الوصول إليه، فهل يمكن أن نعتبر غيبة الولي ذريعة للتنصل من العمل تمهيداً واستعداداً لظهوره؟

لا ريب في أنَّ وظيفة الموالي انتظارُ الفرج، بل يمكن القول إنَّ انتظار الفرج هو أفضل تجلٍّ للولاية، ومن أفضل أعمال المسلمين، كما أشار الرسول (صلّى الله عليه وآله) في قوله: «أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله».

ولا ينبغي الاشتباه والتصوّر أنّ الانتظار يعني أن نضع يداً فوق يد ونبقى منتظرين حتّى يحدث أمرٌ ما. الانتظار عملٌ وتهيّؤٌ وباعثٌ على الاندفاع والحماس في القلب والباطن، وهو نشاطٌ وتحرّكٌ وتجدّدٌ في المجالات كلّها.

فالانتظار الحقيقيّ هو الذي يمهّد الطريق لظهور الحجة (عجّل الله فرجه)، ومن عرَف حقيقة الانتظار، وأدرك تكليفه ووظيفته، وعمل بها، وأجهد نفسه في مسير الإعداد لصاحب الزمان، تعلّق قلبه بإمامه، وجسّد حقيقة الولاية، وكان مصداقاً من مصاديق "المؤمنون بالغيب"، كما ذكرهم القرآن الكريم وأشار إليهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) في قوله:«طوبى للصابرين في غيبته! طوبى للمقيمين على محجّتهم! أولئك وصفهم الله في كتابه فقال: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ، وقال: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

تجليات الولاية في عصر الغيبة: يمكننا تحديد الوظائف الملقاة على عاتق المنتظِر تجاه إمام العصر والزمان، وتجليات الولاية بالصورة العملية، وفق الأمور الآتية:

1- معرفة الإمام: أشار الدعاء الملكوتيّ الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام) إلى أوّل واجبٍ من واجبات أهل الانتظار والولاية:«اللهمّ عرّفني نفسك؛ فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك؛ اللهمّ عرّفني رسولك؛ فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك؛ اللهمّ عرّفني حجّتك؛ فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني».

2- الثبات على الدين في عصر غيبته (عجّل الله فرجه): من أهم التكاليف الشرعية في عصر الغيبة هو الثبات على العقيدة الصحيحة بإمامة الأئمة الاثني عشر، وخصوصاً خاتمهم وقائمهم المهديّ (عجّل الله فرجه)، كما يتوجب علينا عدم التأثر بموجات التشكيك وتأثيرات المنحرفين مهما طال زمان الغيبة أو كثرت ضروب المشككين.

3- تجديد البيعة والولاية له (عجّل الله فرجه): يعتبر دعاء العهد أحد أهم الأدعية المخصوصة بمنتظِري الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه) والواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام). والدعاء يتضمن جملة من المعارف التوحيدية، ويؤكد على ضرورة الارتباط الدائم بإمام العصر والزمان (عجّل الله فرجه).

4- طاعة الفقيه الجامع للشرائط: في عصر الغيبة الكبرى لصاحب العصر (عجّل الله فرجه) تتجلى الولاية عملياً من خلال طاعة الولي الفقيه الجامع للشرائط، نائب الإمام الحجة(عجّل الله فرجه)؛ فطاعته والتسليم لأمره طاعةٌ وتسليمٌ للإمام المعصوم (عليه السلام)، فولاية الفقيه ترتبطٌ بشكل جذريّ بالإمامة. من هنا، فإنَّ المنتظر الحقيقيّ لا بدَّ أن يكون طوعَ أمر الوليّ، ويؤدّي التكاليف الملقاة على عاتقه على أتمّ صورة ووجه.

5- مجاهدة النفس والتحلّي بمكارم الأخلاق: إنّ المعنى الحقيقيّ للانتظار والولاية يكمن في توفير شروط حضور وظهور صاحب العصر (عجّل الله فرجه)، فمن لم يجاهد نفسه في هذا السير، لا يُعقَل أن تكون ولايته خالصة صادقة.

كما ينبغي على المنتظر الحقيقيّ أن لا يتّكل إلّا على الله، ولا يعقد على غيره الأمل، كما عليه أن يراقب فضاء قلبه، فلا يبيع هذه البضاعة النفيسة بثمن بخس في قبال الشهوة والغفلة.

وختاماً، يمكننا القول: من أراد أن يمتحن صدق انتظاره وولائه، فعليه أن ينظر: هل هو متطلّعٌ ومشتاقٌ إلى إمام زمانه القائم من آل محمد (عجّل الله فرجه)؟ هل يؤدي التكاليف والوظائف تمهيداً واستعداداً لحضوره المبارك؟ هل هو منتظرٌ حقيقيّ أم أنَّه أطلق على نفسه بلا حقٍ عنوان انتظار الحجّة (عجّل الله فرجه)؟!.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

2017-01-27