يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه جمعًا من شعراء التراث الديني

2016

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه جمعًا من شعراء التراث الديني

عدد الزوار: 11

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه جمعًا من شعراء التراث الديني ومدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) في مدينة مشهد المقدّسة في الحرم الرضوي المطهّر 14-7-2016

بسم الله الرحمن الرحيم

كم كنت أرغب في الاستماع إلى أشعار وقصائد كلّ الشعراء الذين شرّفونا اليوم في هذا اللقاء وأن أنصت لسماع أنغام المنشدين الدينيّين والمدّاحين واحدًا واحدًا. للأسف، ما كل ما يتمنى القلب يدركه، لكن بهذا المقدار الذي سمعناه، الحقيقة إننا استفدنا وانتفعنا كثيرًا، وأنا العبد قد فرحت وسررت حقًّا، حيث شاهدت هذه الأذواق والقرائح واللطائف الشعرية والظرائف الأدبيّة الجميلة في أعمال شعراء مشهد لا تزال موجودة كما في السابق، بل حتى أفضل من الأيام الماضية، كذلك هذه الحناجر المخمليّة والأصوات الجميلة الكثيرة في مشهد والحمد لله. لقد سررت كثيرًا لهذا الموضوع الذي يلمسه الإنسان في مشهد.

كما في السابق، مشهد في الطليعة..
حسنًا، لقد كان الوضع في السابق هكذا بشكل أو بآخر. بالطبع فقد كانت مشهد على المستوى الشعري دائمًا في الطليعة ومتقدّمة عن المناطق الأخرى التي كنّا نعرفها –إلى الحد الذي كنّا نراه ونلاحظه في أيام شبابنا تلك، كانت مشهد متقدّمة وأفضل من حيث المجموع وبشكل كلّي- لكن بالنسبة للمديح والأناشيد الدينية والأصوات والأنغام، كلا لم يكن الوضع في تلك الأيام بمستوى ما نشاهده ونراه حاليًّا. كان العدد قليلًا ولعلّه يمكن القول، إنّ الذين كانوا ينشدون الشعر الجيد بصوت جميل ولحن جذّاب، يعدّون على الأصابع. حسنًا، بناءً على هذا فإنّ الوضع اليوم يستحقّ الشكر ونحن نشكر الله تعالى على هذه النعمة.

ما أؤكّد عليه وأوصي به، وهو ما لاحظته في أشعار شعرائنا الأعزاء وفي بعض قصائد المداحين الأعزاء، أنّ العالم الإسلامي اليوم لديه حاجات وأزمات وتحديات. يمرّ العالم الإسلامي اليوم في مرحلة تاريخية حسّاسة، ما تلاحظونه حاليًّا –ما يقوم به آل سعود، ما يجري في اليمن، أحداث العراق، أحداث سوريا، القضايا المتعلقّة بأمريكا، ما يرتبط بالنظام الصهيوني، بالأعمال التي يقومون بها في المنطقة، القرارات التي يتخذونها، الضغوط التي يمارسونها ضد الجمهورية الإسلامية- كلها مجموعة مترابطة تسعى لتحقيق هدف محدّد. في أوضاع وظروف كهذه، وحيث يمرّ العالم الإسلامي بمنعطف تاريخي في الواقع، فإنّ علينا واجبات ومسؤوليات، هناك تكاليف تقع على عاتق كلّ واحد منا بشكل من الأشكال، لا يمكننا أن نغفل عن الحاجات الحالية للعالم الإسلامي؛ على رأس هذه الحاجات، متطلّبات الجمهورية الإسلامية، لأنّ الجمهورية الإسلامية هي الرائد والمدرّب الأول وسط الحلبة في هذه الأحداث العظيمة. نعم، يوجد لاعبون كثر، المؤثّرون والفاعلون في العالم الإسلامي متعدّدون ومن كل الأنواع والأجناس ولكن الرائد واللاعب الأساس هو الجمهورية الإسلامية، وبالتأكيد لو لم يكن هناك جمهورية إسلامية ولا الإمام العظيم، لو لم يصدح ذلك النداء الملكوتي المعتمد على السنن الإلهية في هذا البلد، لما حصلت كل تلك الأحداث في العالم الإسلامي ولاستطاع الاستكبار أن يحقّق أهدافه بكل سهولة ودون أي رادع ومانع ولما احتاج إلى [افتعال] كل هذه الأزمات والتحديات، ولما وُجدت كل هذه المشاكل والموانع أمام الاستكبار. بناءً على هذا، فإنّ للجمهورية الإسلاميّة اليوم متطلبات وحاجات ويجب علينا أن نؤمنها.

التبيين، البصيرة، المعارف الثوريّة
أنا العبد أعتقد أنّ أهم هذه الحاجات، هي الحاجة إلى التبيين، ورفع مستوى البصيرة وتقوية المعارف الثورية والإسلاميّة؛ هذه الحاجات على رأس اللائحة المطلوبة. والحمد لله فإننا نملك الوسائل والأدوات اللازمة لتأمين هذه الحاجات. من الأدوات التي نملكها نحن ولا يملكها الآخرون في العالم عادةً هي المدائح والمديح هذا، مجالس العزاء هذه، وهذه المنابر، هذه اللقاءات الشعبية والجماهيرية ليست رائجة في العالم. أن يتم دعوة شخص إلى مكان ومنبر ما، فيأتي ألف أو ألفان أو خمسة آلاف شخص دون أن توجه لهم دعوة، يجتمعون بطيب خاطر وبكل شوق يجلسون لمدة ساعة مثلًا ويستمعون إلى كلامه ومدائحه؛ لا يوجد شيء في العالم كهذا؛ حيث يستخدمون غالبًا البروباغاندا والإعلانات الباهرة والجذب الجنسي وأنواع وأشكال الجذب والاستدراج لشدّ الناس إلى الحفلات واللقاءات. أما هنا، حيث يوضع إعلان بأنّ المدّاح [المنشد] الفلاني سيقيم حفلًا في مكانٍ ما، يندفع الناس إلى ذلك المكان ويجلسون ويستمعون. نحن نملك هذا، أما الآخرون فليس لديهم ظاهرة كهذه. إنها نعمة وعلينا أن نُقدّرها، علينا أن نستغلّ هذه الفرصة. الشعر كذلك أيضًا. بناءً على هذا، فإنّ الشعر الذي ألقاه شعراؤنا الأعزاء اليوم –والحمد لله لقد كانت أشعارًا جيدة جدًّا، ما أنشده الأصدقاء، بعضه كان جيدًا جدًا ومنطبقًا بالكامل مع الحاجات والتحديات، منسجمًا مع ما يحتاج مجتمعنا اليوم لفهمه كي يرفع مستوى بصيرته- وكذلك إنشاد المدائح والموالد التي ألقاها الأعزاء بأصواتهم العذبة، الحمد لله فإنّ هذه الحاجات يتمّ تأمينها إلى حدود كبيرة.

لكنّي أريد أن أوصي بشكل دائم ومؤكّد: فكّروا بشكل جدّي، حين تلقون شعرًا أو مثلًا تنشدون أو تلطمون في مجلس عزاء، قولوا كلامًا يزيد من معرفة ذلك الجمهور الذي يلطم، ويجعله يفهم شيئًا جديدًا.

نعم، يمكن له إبكاؤهم وافرضوا مثلًا أن يقرأ العزاء للبكاء دون تأثير في البصيرة، هذه مرحلة، ولا شك أنها مرحلة من الفضيلة ولكن الفضيلة الأرفع والهدف الأعلى والغاية القصوى من كل تلك المراحل والمقدمات هي أن نرفع مستوى بصيرتنا؛ تزداد البصيرة حول الأئمة وحول القرآن والإسلام وحول مستقبل المجتمع الدولي؛ هذه هي الأهداف الأساسية ويجب أن تحضر في أشعارنا وقصائدنا وكذلك في إنشادنا ومدائحنا أيضًا.

على كل حال، نشكركم جزيل الشكر على تشريفكم اليوم. نشكر الإخوة الذين قاموا بالإعداد لهذا اللقاء. كان الحاج السيد "أكبرزاده" قد اقترح عدة مرات في السنوات الماضية إقامة هذه الجلسة، وأنا كذلك كنت أنوي إجراءها ولكن لم تحصل ولم نستطع إنجازها في الزيارات السابقة إلى مشهد؛ فغالبًا ما يكون برنامجنا حافلًا مزدحمًا؛ زياراتنا إلى مشهد لا أوقات فراغ واستراحة فيها بهذا المعنى. الحمد لله أنّنا التقينا في هذا العام. وحيث إنّنا لم نتمكن من الاستماع والانتفاع بشعر الشعراء الأعزاء الآخرين، فأنا أعتذر منهم؛ بالطبع إذا كنت أنا من يجب أن أعتذر وإذا كان على السيد أحمد واعظي (مقدم البرنامج) أن يعتذر فليعتذر هو! (ضحكات القائد والحضور)

على كل حال، إن شاء الله موفّقون جميعًا، ومؤيّدون، وإن شاء الله تعالى أن يمنحنا فرصة أخرى ويطيل في أعمارنا كي نلتقي مجدّدًا ونسمع أشعاركم.

والسلام عليكم ورحمة الله.

2017-01-12