يتم التحميل...

الخطوة الأولى نحو جهاد النفس - اليقظة من الغفلة

فكر الإمام الخميني

إنّ اليقظة تُمثّل الخطوة الأولى في السلوك. ولكنّكم ما زلتم تغطّون في نوم عميق. فلو لم تكن الأفئدة ملوّثة بنوم الغفلة، والقلوب اسودّت وصدئت نتيجة الذنوب،

عدد الزوار: 29

إنّ اليقظة تُمثّل الخطوة الأولى في السلوك. ولكنّكم ما زلتم تغطّون في نوم عميق. فلو لم تكن الأفئدة ملوّثة بنوم الغفلة، والقلوب اسودّت وصدئت نتيجة الذنوب، لما كنتم هكذا غير مبالين وغير مهتمّين، تواصلون الأعمال والأقوال الشنيعة. فلو فكّرتم قليلاً بأمور آخرتكم وعقباتها الكأداء لأوليتم اهتماماً كبيراً للمسؤوليات الجسام الملقاة على عواتقكم.

إنّ وراءكم حساباً. كما أنّ أمامكم معاداً وقيامة، ولستم كسائر الكائنات التي لا معاد لها ولا حساب.

فلماذا لا تتّعظون؟ لماذا لا تفيقون؟ لماذا تخوضون مطمئنّين في الاغتياب والإساءة إلى إخوتكم المسلمين أو تستمعون إلى ذلك؟ هل تعلمون أنّ هذه الألسن التي تمتدّ لاستغابة الآخرين، سوف تُداس بأرجل الآخرين يوم القيامة؟

هل تعلمون أنّ الغيبة إدام كلاب النار. هل فكّرتم أصلاً في العواقب الوخيمة السيّئة لهذه الاختلافات والعداوات الحسد وإساءة الظن والأنانية والغرور والتكبّر و..؟!

هل تعلمون أنّه من الممكن أن تكون جهنّم عاقبة هذه الأفعال الدنيئة المحرّمة، وتقود إلى الخلود في نار جهنّم؟

الأمراض النفسية لا تظهر آلامها مباشرة

لا قدّر الله أن يُبتلى الإنسان بأمراض لا تظهر آلامها. إنّ الأمراض المؤلمة تدفع الإنسان لأنّ يُفكّر بعلاجها، فيذهب إلى مراجعة الطبيب أو المستشفى. بيد أنّ المرض الذي لا يُرافقه الألم ولا يشعر الإنسان بتبعاته مرض خطير لأنّه عندما يتنبّه إليه الإنسان يكون قد فات الأوان واستحال العلاج.

والأمراض النفسية هي من هذا النوع. فلو كانت مصحوبة بالألم المباشر لحرّكت المصاب ودفعته إلى معالجتها. ولكن ماذا نفعل إذا كانت هذه الأمراض لا يُحسّ بآلامها رغم خطورتها؟

إنّ مرض الغرور والأنانية، من الأمراض التي لا تظهر آلامها وهي ليس فقط غير مصحوبة بالألم، بل تتّسم بظاهر يبعث على التلذّذ. إذ أنّ مجالس الغيبة والنميمة قد تكون محبّبة!

فالإنسان يشعر مع حبّ النفس وحبّ الدنيا وهما مصدر جميع الذنوب، بلذّة ونشوة. فإذا ما ابتُلي الإنسان بحبّ الدنيا واتباع الهوى، واستحوذ حبّ الدنيا على قلبه، فإنّه يتألّم من كلّ شيء عدا الأمور الدنيوية، ويُعادي - والعياذ بالله- الله وعباده والأنبياء والأولياء وملائكة الله، ويحسّ بالحقد والبغضاء تجاههم.

وحينما يأتي أجله وتأتي ملائكة الله لتتوفّاه يشعر بالاستياء الشديد وينفر منهم، لأنّهم يريدون أن يُبعدوه عن محبوبته (الدنيا والأمور الدنيوية). ولذلك يُبغضهم وينفر منهم، وربما يخرج من هذه الدنيا وهو عدوّ لله تعالى.

حدّثَ أحد الأكابر من أهالي قزوين رحمه الله فقال: "إنّه كان جالساً عند رأس شخص يحتضر فسمعه يقول: إنّ الظلم الذي ظلمني إيّاه الله تعالى لم يظلمني أحد مثله، فلقد بذلت مهجتي في تربية أولادي، وها هو يريد أن يُبعدني عنهم! فهل هناك ظلم أشدّ من هذا وأعظم؟".

اتقوا الله.. اخشوا عاقبة الأمور... أفيقوا من غفلتكم... إنّكم لم تفيقوا بعد ولم تخطوا الخطوة الأولى. إنّ اليقظة تُمثّل الخطوة الأولى في السلوك.


* الإمام الخميني قدس سره، الأربعون حديثاً، الحديث الأول، ص 19.

2016-09-05