يتم التحميل...

سيرة الامام الحسين بن علي عليه السلام

السيرة

الولادة: المشهور أنه ولد في الثالث من شهر شعبان بالمدينة وحسب قول ابن طاووس والشيخ المفيد سنة أربع من الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوماً.

عدد الزوار: 15

الولادة: المشهور أنه ولد في الثالث من شهر شعبان بالمدينة وحسب قول ابن طاووس والشيخ المفيد سنة أربع من الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوماً.

وقيل أن بين الحسن والحسين في الميلاد ستة أشهر وعشراً حسب رواية الشيخ الكليني.

الشهادة: استشهد في يوم السبت العاشر من المحرم، سنة إحدى وستين من الهجرة بعد صلاة الظهر، قتيلاً مظلوماً ظمان صابراً محتسباً، وله يومئذ ثمان وخمسون سنة 1 أقام منها مع جده صلى الله عليه وآله سبع سنين، ومع أبيه سبعاً وثلاثين سنة، ومع أخيه سبعاً وأربعين سنة.

قاتله: شمر بن ذي الجوشن.

مدة الإمامة: كان مدة خلافته بعد أخيه إحدى عشرة سنة

ألقابه: السيد، الطيب، الوفي، المبارك، النافع، الدليل على ذات اللَّه، السبط، التابع لمرضاة اللَّه.

كنيته: أبو عبد اللَّه.

نقش خاتمه:"حسبي اللَّه"، " اللَّه الملك"، " إن اللَّه بالغ أمره"، " لا إله إلا اللَّه"، " عدة لقاءِ اللَّه"، " لكل أجل كتاب"

مدفنه: كربلاء المقدسة

تمهيد
إن حياة الأئمة عليهم السلام كلها حياة جهاد وتضحية في سبيل اللَّه عزَّ وجلَّ ولا يمكن أن نستثني أحداً من هذه الحركة المباركة لأن مفهوم الجهاد يتقوم بأمرين:

1 - الجهد والعناء والمشقة وهذا ما تحمله الكلمة من الناحية اللغوية.
2- فرض وجود عدو نعمل على مواجهته.

وبلحاظ هذين الأمرين نعرف أن حركة الأئمة عليهم السلام الجهادية كانت مستمرة في كل العصور وهذا الجهد المبارك توَّج بالشهادة وأما وجود العدو فكان على طول التاريخ الذي عاشه الأئمة عليهم السلام في ظل الانحراف عن ثوابت الإسلام الأصيل الذي ولّدته الحكومات المنحرفة.

ومع تحقق هذين الأمرين تتنوع أنواع المجاهدة بحسب الظروف والمعطيات فمن مجاهدة سياسية تجلت في موقف الإمام الحسن عليه السلام إلى مجاهدة عسكرية تجلت في موقف سيد الشهداء عليه السلام إلى مجاهدة ثقافية تجلت في موقف الإمام الصادق عليه السلام وغيرهم من الأئمة عليهم السلام .

لقد نهض الإمام الحسين عليه السلام وضحى بدمه ودماء أهله الطيبين من ذريته وأصحابه، فكانت نهضته المباركة حياة للإسلام ليستلهم المسلمون من حركته التي بقيت حية نابضة في مختلف المجتمعات. ولذلك حاول المستكبرون في كافة العصور اخماد نورها ونارها المحرقة للظالمين، ولكنَّ المشيئة الإلهية تغلبت على هؤلاء الظالمين، لتبقى نهضة الإمام الحسين عليه السلام خالدة على مر العصور.

مراحل حياة الإمام عليه السلام:

يمكن تقسيم حياة الإمام الحسين عليه السلام حسب المراحل الزمنية إلى عدة مراحل
الأولى: الفترة التي عاشها مع جده خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وآله استمرت ما يزيد على خمس سنوات.

الثانية: الفترة التي عاشها مع أمه البتول عليها السلام ما يقرب من ست سنوات.

الثالثة: الفترة التي عاشها مع أبيه المرتضى عليه السلام ما يزيد على خمسة وثلاثين سنة.

الرابعة: الفترة التي عاشها مع أخيه المجتبى عليه السلام ما يناهز خمسة وأربعين عاماً.

هذا تقسيم حياته المباركة بلحاظ الفترة الزمنية، وهناك تقسيم اخر وهو ما يهمنا في هذا البحث وهو بلحاظ فترة استلامه القيادة والإمامة بعد شهادة أخيه الإمام الحسن عليه السلام والتي استمرت ما يقارب من عشر سنوات كان الإمام يقارع فيها الحكم الأموي هذه المرحلة يمكن تقسيمها إلى قسمين:

أ - مرحلة ما قبل نهضة الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء(كربلاء).
ب - مرحلة نهضة الإمام عليه السلام في عاشوراء.

وما سنتعرض له في هذا البحث هو مرحلة عاشوراء التي تجلى فيها الجهاد المسلح ضد الحاكم المنحرف.

الخصائص القيادية للإمام الحسين عليه السلام
قبل الكلام عن هذه الحركة التغييرية، وعن ملامح عصر الإمام عليه السلام وعن الأسباب والنتائج لعاشوراء من الجيد أن نلفت النظر إلى شخصية الإمام الحسين عليه السلام وصفاته التي ينبغي تحققها في كل قائد ونأخذ على سبيل المثال بعض الملامح العامة لهذه الشخصية.

1- قوة الإرادة:
ويكفي أن نرى قوة الإرادة عنده من إصراره على إنهاء المسيرة حتى النهاية مع عائلته وأولاده رغم سماعه نبأ استشهاد مسلم بن عقيل (رض) ، في جو لا يطمئن بأي حسم عسكري لصالحه بل في ظروف يعلم أنه ملاقٍ فيها الشهادة وهو القائل:" لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برم"2.

2 - الإباء عن الضيم:
وهذا اللقب من أهم ألقابه المباركة، وقد قال عنه ابن أبي الحديد المعتزلي:" سيّد أهل الإباء الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف اختياراً على الدّنية أبو عبد اللَّه الحسين بن علي بن أبي طالب عُرض عليه الأمان هو وأصحابه فأنف من الذل، وخاف ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنه أبى الموت على ذلك"3.

وهو الذي خلد لنا التاريخ كلمته المشهورة التي تنبض بالعزة والكرامة:" ألا إن الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى اللَّه ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام"4.

3 - الشجاعة:
ومواقف عاشوراء كلها دليل على هذه الشجاعة الملفتة للإمام عليه السلام وهو الذي قال لأصحابه حينما أمطرتهم سهام الأعداء.
" قوموا رحمكم اللَّه إلى الموت الذي لا بد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم"5.

4- الصراحة والوضوح:
توجت كل هذه الصفات بصفة مهمة جداً وهي الوضوح والصراحة وهو القائل:" يا أمير إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، بنا فتح اللَّه وبنا يختم ويزيد فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله"6

5 - الصلابة في الحق:
" ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء اللَّه"7.

6 - الصبر:
قال الأربلي: " شجاعة الحسين عليه السلام يضرب بها المثل، وصبره في الحرب أعجز الأوائل والأواخر"8.
إلى غيرها من الصفات التي اجتمعت في الإمام عليه السلام .

ملامح عصر الإمام الحسين عليه السلام
نستطيع أن نلخص عصر الإمام عليه السلام بكلمة واحدة وهي أن معاوية بن أبي سفيان أراد إعادة الجاهلية الأولى إلى المجتمع الإسلامي باسم الإسلام وإمرة المؤمنين. وقد اعتمد معاوية من أجل الوصول إلى هذا الهدف عدة خطوات منها:

1- إشاعة الإرهاب والتصفية الجسدية لكل قوى معارضة للحكم وقد صوّر الإمام الباقر عليه السلام هذه الحالة بقوله:" فقُتِلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يُذكَر بحبنّا والانقطاع إلينا سجن، أو نهب ماله أو هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد اللَّه بن زياد قاتل الحسين عليه السلام"9.

2 - إغداق الأموال لشراء ضمائر الناس وقد تم فعلاً شراء بعض الوعّاظ والمحدّثين، وهكذا شراء ضمائر الوجوه الاجتماعية.
المضايقة الاقتصادية وأسلوب التجويع وقد قال معاوية في هذا الصدد: " انظروا من قامت عليه البينة أنه يحبُّ علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان، واسقطوا عطاءه ورزقه"10.

4 - العمل على تمزيق أواصر الأمة الإسلامية بإثارة الروح القومية والقبلية والإقليمية بين قطاعاتها المختلفة.

5- اغتيال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام .

6 - فرض البيعة لولده يزيد المعلن بفسقه وتحكيمه في رقاب المسلمين.

وقد انتهج الإمام الحسين عليه السلام في مواجهة هذه الخطوات منهاجاً يقوض هذا البناء من أساسه:

1 - مواجهة معاوية ورفض البيعة ليزيد:
وقد أرسل الإمام عليه السلام لمعاوية رسالة طويلة جاء في بعض مقاطعها:" تريد أن توهم الناس في يزيد كأنك تصف محجوباً أو تنعت غائباً،... ودع عنك ما تحاول، فما أغناك أن تلقى اللَّه بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فواللَّه ما برحت تقدح باطلاً في جورٍ وحنقاً في ظلم حتى ملأت الأسقية، وما بينك وبين الموت إلا غمضة فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص"11.

2 - جمع الأمة الإسلامية على الحق:
فقد لبى الإمام الحسين عليه السلام الدعاوي والوفود الكثيرة التي تطلب منه مواجهة الظلم والطغيان المتمثل بالحاكم الأموي معاوية، وقد بدأت ظاهرة التجمع مع الإمام تظهر أمام أعين السلطة الحاكمة مما اضطر معاوية أن يرسل له رسالة فيها تهديد وتحذير من مواقفه.

3 - فضح جرائم معاوية:

أرسل الإمام الحسين عليه السلام رسالة جاءت كرد على الرسالة السابقة فضحت الحاكم الأموي معاوية وجاء في هذه الرسالة مجموعة أمور منها:
1- وصف حزب معاوية بحزب الظلمة.
2 - تذكيره بجرائمه المختلفة التي أدت إلى إراقة دماء الأبرياء والعظماء من الصالحين الأصحاب كحجر بن عدي، عمرو بن الحمق الخزاعي، صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الحضرمي، وغيرهم.
3 - وصف خلافة معاوية بأنها أعظم فتنة تمر بالأمة الإسلامية.
4- تذكيره بنقض العهد وبنود الصلح الذي أبرمه مع الإمام الحسن عليه السلام .
5 - التهديد لمعاوية حسب ما جاء بنص الرسالة:" فأبشر يا معاوية بالقصاص، وأستيقن بالحساب، واعلم أن للَّه تعالى كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وليس اللَّه بناس لأخذك بالظنة، وقتلك أولياءه على التهم، ونفيك إياهم من دورهم إلى دار الغربة"12.
6 - تذكيره بنقضه العهد بتولية ابنه يزيد الغلام الحدث، شارب الخمر، ملاعب الكلاب. فبهذا الشكل واجه الإمام عليه السلام السياسة الأموية الظالمة التي أطاحت بكل مَعْلَم إسلامي لتحويل الحضارة الإسلامية إلى حضارة قيصرية وكسروية...

عاشوراء مرحلة الجهاد والشهادة
الذي يدرس الملامح العامة لعصر الإمام عليه السلام التي تحدثنا عن بعضها يخرج بنتيجة منطقية وهي ضرورة النهضة الحسينية باعتبار أن الأمة الإسلامية في زمن الحكم الأموي عانت من مرض خطير وهو فقدان الإرادة مع وضوح الحق التي لخصها الفرزدق بقوله للإمام عليه السلام :" قلوبهم معك وسيوفهم عليك"13.

وهذه الهزيمة النفسية قد تجلت في مواقف كثيرة منها:
1- أجمعت كلمة العقلاءالمسلمين على تخويفه من رفض بيعة يزيد.
2 - عدم استجابة زعماء البصرة الموالين للإمام علي عليه السلام لنداء الإمام الحسين عليه السلام .
3 - عدم نصرة عشيرة بني أسد بعد أن ذهب حبيب بن مظاهر (رض) إليهم.
4- استطاع ابن زياد خلال أسبوعين تجنيد الألوف ممن كان بعضهم مع الإمام علي عليه السلام وغير ذلك من المواقف التي نستطيع أن نفهم منها هذه الهزيمة النفسية. وكان أمام الإمام عليه السلام عدة مواقف:

الأول: أن يبايع يزيد.
الثاني: أن يرفض البيعة ويبقى في مكة أو المدينة.
الثالث: أن يرفض ويذهب إلى بلد من بلاد العالم الإسلامي كاليمن.
الرابع: أن يرفض ويلبي نداء الرسائل الموجهة إليه ويستشهد في كربلاء.

وكان اختيار الموقف الرابع مبني على إدراك طبيعة الظروف الموضوعية المحيطة بالأمة ومن خلاله استطاع أن يعالج هذا المرض الذي دب في جسد الأمة وكاد أن يقضي عليها. فاستطاع أن يهزّ ضمير الأمة من ناحية، ويشعرها بأهمية الإسلام وكرامة هذا الدين من ناحية ثانية، ويعيد للأمة إرادة المواجهة من ناحية ثالثة، وأن يوضح لكل المسلمين أن مفهوم الصلح عند الإمام الحسن عليه السلام لم يكن موقفاً امضائياً وإنما كان أسلوباً تمهيدياً لموقف الإمام الحسين عليه السلام .

الخلاصة
1 - إن للإمام الحسين عليه السلام خصائص قيادية مختلفة اجتمعت في شخصيته المباركة منها: قوة الإرادة، الإباء عن الضيم، الشجاعة، الصراحة، الصلابة في الحق، الصبر.
2 - إن ملامح عصر الإمام اتسمت باضطرابات عديدة وذلك من جراء السياسة الأموية التي انتهجها معاوية من خلال اشاعة الإرهاب واغداق الأموال لشراء الضمائر، والمضايقة الاقتصادية وغير ذلك.
3 - إن الرسالة التي أرسلها الإمام الحسين عليه السلام إلى معاوية تعتبر أعلى وأصرح لهجة يخاطب بها الحاكم الأموي انذاك.
4- إن موقف الشهادة الذي اختاره الإمام كان الموقف الوحيد لمعالجة المرض الذي مرت به الأمة وهو فقدان الإرادة مع وضوح الطريق.

*محطات من سيرة اهل البيت، سلسلة الدروس الثقافية ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


1- قيل عاش سبعاً وخمسين سنة وخمسة أشهر.
2- الذهبي، سيرة أعلام النبلاء، ج3، ص310، والحديث في كتاب الطبري، والطبراني «إلا برما».
3- المعتزلي، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص302.
4- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج45، ص8.
5- ابن طاووس، اللهوف على قتلى الطفوف، ص65.
6- أنساب الأشراف، ج1، ص1.
7- بحار الأنوار، ج44، ص381.
8- الأربلي، كشف الغمة، ج2، ص20.
9- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج11، ص43.
10- م.ن، ج11، ص45.
11- الدينوري، ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص196 195.
12- شرح نهج البلاغة، م.س، ج4، ص327.
13- الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة، ص182.

2015-08-07