يتم التحميل...

عقد النكاح - النكاح الدائم

العلاقات الزوجية

لا يتحقّق التزويج بمجرّد الرضا القلبيّ من الطرفين، كما لا يتحقّق بالكتابة، ولا بالإشارة المفهمة من غير الأخرس. بل لا بدّ من صيغة خاصّة يتلفّظ بها الطرفان ليتحقّق الزواج الشرعيّ.

عدد الزوار: 69

النكاح الدائم

النكاح هو التزويج، وهو قسمان:

1. الأوّل: دائم.
2. الثاني: منقطع.


وكلّ منهما له أحكامه.

صيغة العقد الدائم:

أ- لا يتحقّق التزويج بمجرّد الرضا القلبيّ من الطرفين، كما لا يتحقّق بالكتابة، ولا بالإشارة المفهمة من غير الأخرس. بل لا بدّ من صيغة خاصّة يتلفّظ بها الطرفان ليتحقّق الزواج الشرعيّ.

ب- يتركّب عقد النكاح من إيجاب من الزوجة وقبول من الزوج، ولا يصحّ الإيجاب من الزوج والقبول من الزوجة.

ج- لا بدّ في الإيجاب أن يكون بلفظ "أنكحت"، أو بلفظ "زوّجت"، وأمّا لفظ "متّعت" فلا يصحّ العقد الدائم به إلّا إذا اقترن بما يجعله ظاهراً في الدوام لا في الانقطاع، ولا يتحقّق الإيجاب بغير ذلك من الألفاظ.

د- يتحقّق القبول بكلّ لفظ دالّ على الرضا بالنكاح الدائم، كلفظيّ "قبلت" و"رضيت"، وما يماثلهما من ألفاظ.

هـ- يشترط عدم الفصل المعتدّ به بين الإيجاب والقبول.

و- يمكن للزوجين أن يعقدا بمباشرتهما، دون حاجة للتوكيل.

ز- يتحقّق الإيجاب من الزوجة بإحدى الصيغ الستّ الآتية، ولا بدّ لها أن تختار واحدة منها. وهي:

الأولى: أَنْكَحْتُكَ نَفْسِي.
الثانية: زَوَّجْتُكَ نفسي.
الثالثة: أَنْكَحْتُ نَفْسي مِنْكَ.
الرابعة: زَوَّجْتُ نفسي منكَ.
الخامسة: أنْكَحْتُ نفسي لَكَ.
السادسة: زَوَّجْتُ نفسي لكَ.

ح- ذكر المهر في الصيغة ليس شرطاً في صحّة العقد، فيجوز ذكره كما يجوز تركه، فلو أراد ذكر المهر تقول المرأة: "زوجتك نفسي على المهر المعلوم"، كما يمكن استبدال جملة: "على المهر المعلوم" بقولها: "على مهر مقدارُهُ مئة دينار" مثلاً. أو "على مهر مُعَجَّلُهُ عَشَرَةُ دنانير، ومُؤَجَّلُهُ تسعون ديناراً، مؤجّلةً إلى أقربِ الأجلين"، وهكذا. والمقصود بالأجلين الموت والطلاق، فإذا طلّقها أو مات أحدهما يتحقّق أقرب الأجلين.

ط- يتحقّق القبول من الزوج بأن يقول: "قَبِلْتُ التزويجَ لنفسي على المهرِ المعلوم". أو يقول: "رَضيْتُ التزويجَ لنفسي على المهر المعلوم"، أو يقول: "قبلتُ النكاحَ على المهرِ المعلوم". أو يقول: "رضيتُ النكاحَ (أو الزواجَ) على المهرِ المعلوم". ونحو ذلك ممّا يفيد القبول اللفظيّ. ولو قال: "قبلتُ" وحدها تكفي مع القصد لقبول ما ورد في الإيجاب.

 التوكيل في الصيغة:

أ- يجوز التوكيل في عقد النكاح من الزوج والزوجة، أو من أحدهما خاصّة.

ب- يأخذ الوكيل وكالة الإيجاب من الزوجة، ولا يشترط في الوكالة صيغة خاصّة، بل تقع الوكالة بأيّ وسيلة مفهمة، ولا يشترط أن تكون باللغة العربيّة، بل تصحّ الوكالة بأيّ لغة مفهمة.

مثال ذلك: أن يقول الوكيل للمرأة: "هل تقبلين أن أكونَ وكيلَكَ لتزويجك (أو لأزوّجك، أو لأنكحَكِ) من فلان، على المهرِ المعلوم؟"، فتقول المرأة: "قبلتُ أنت وكيلي". أو بأيّ أمرٍ مفهم للتوكيل.

ج- إذا وكّل الزوجان فيتمّ الإيجاب بإحدى الصيغ التالية:

1 - 2 "أنكحْتُ (أو زوّجتُ) موكِّلَكَ فلاناً موكِّلتي فلانة على المهر المعلومِ".
3 - 4 "أنكحْتُ (أو زوّجْتُ) موكِّلتي فلانة من موكلِكَ فلان على المهر المعلوم".
5 - 6 "أنكحْتُ (أو زوّجْتُ) موكِّلتي فلانة لموكِّلِكَ فلان على المهرِ المعلومِ".


د- يأخذ الوكيل وكالة القبول من الزوج، بأيّ وسيلة تفهم قبوله ورضاه بالزواج على المهر المعلوم. فيقول وكيل الزوج بعد الإيجاب من وكيل الزوجة بدون فصل معتدّ به: "قَبِلْتُ (أو رضيتُ) التزويج (أو النكاحَ) لموكّلي على المهر المعلوم"، أو ما شابه ذلك.

هـ - يمكن أن يكون القبول من الزوج بمباشرته بدون توكيل، فيقول: "قبلتُ (أو رضيتُ) النكاحَ (أو الزواج) على المهرِ المعلوم".

و- لا يشترط في لفظ القبول أن يكون مطابقاً للفظ الإيجاب، فلو قال وكيل الزوجة: "زوّجتك" فقال الزوج أو وكيله: "قبلتُ النكاحَ" يصحّ.


الخطأ في الصيغة:

إذا قيلت صيغة العقد بطريقة خاطئة فصورتان:

الأولى: إذا كان الخطأ مغيّراً للمعنى بحيث يُعدّ اللفظ عبارة لمعنى آخر غير ما هو المقصود، فلا يصحّ العقد.
الثانية: إذا لم يكن الخطأ مغيّراً للمعنى، بل كان يُفهم منه المعنى المقصود من النكاح، إلّا أنّه كان خطأ من جهة الإعراب والحركات أو نفس مادّة الكلمة (أي الحروف) فيصحّ العقد، ويُكتفى بما ذُكر إلّا أنّ الأحوط استحباباً عدم الاكتفاء به، والإتيان بلفظٍ صحيح.

شروط العقد:

أ- يشترط في صحّة العقد ستّة أمور:

الأوّل: القصد إلى فهم معاني الألفاظ الواردة في العقد، ولا يشترط الفهم التفصيليّ، بل يكفي الإجماليّ، بأن يعلم أنّ ما يقوله يدلّ على الزواج الدائم على المهر المعيّن المعلوم.
الثاني: أن يكون قاصداً بقوله: "أنكحت" أو"زوّجت" إنشاء عقد الزواج، وليس الإخبار والحكاية. والإنشاء هو ما يُجعل ويُنشأ به الزواج.
الثالث: الموالاة، بمعنى عدم الفصل المعتدّ به بين الإيجاب والقبول.

الرابع: التنجيز، بمعنى عدم تعليق العقد على فعل أو مجيء زمان، فلو قالت الزوجة مثلاً: "زوّجتك نفسي على المهر المعلوم بشرط مجيء زيد" يبطل العقد ولا يصحّ حتّى لو جاء زيد. نعم لو علّق العقد على أمرٍ محقّق الحصول كما إذا قال الزوج: "قبلت التزويج إن كان اليوم الجمعة" وكان اليوم هو الجمعة، فيصحّ العقد.

الخامس: تعيين الزوج والزوجة، بحيث يمتازان عن غيرهما. ويكون التعيين بالاسم أو الإشارة، أو الوصف الموجب للتعيين.

السادس: الاختيار، بمعنى أن ينشأ العقد عن إرادة العاقد واختياره، فلا يصحّ العقد ممّن أُكره على التزويج. نعم لو رضي المكرَه فيما بعد بالعقد صحّ بدون حاجة لتجديد العقد. وإن لم يرضَ يكون العقد باطلاً.

ب- يجوز إجراء العقد عبر الهاتف ونحوه مما يشتمل على الإنشاء اللفظيّ للصيغة.

ج- لا يصحّ للزوجة أن تشترط على زوجها في عقد الزواج أن لا يتزوّج عليها، فإذا أجري العقد مع هذا الشرط يبطل الشرط، ويصحّ العقد بلا شرط..


1. شروط العاقد:

يشترط في العاقد المجري للصيغة ثلاثة أمور:
الأوّل: البلوغ.
الثاني: العقل. فلا اعتبار بعقد الصبيّ والمجنون حال جنونه، سواء أكان يعقد لنفسه أو لغيره.
الثالث: القصد إلى معنى العقد. فلا اعتبار بعقد الساهي والغالط والسكران وأشباههم من الذين لا يتوفّر القصد عندهم.

2. أولياء العقد:

أ- الأب والجدّ من طرف الأب (أي: أب الأب) فصاعداً لهم ولاية النكاح على أربعة أقسام من الأولاد:

الأوّل: الولد الذكر الصغير والبنت الصغيرة (دون سنّ البلوغ).
الثاني: الولد والبنت إذا بلغا مجنونين أو جُنّا بعد البلوغ.
الثالث: البنت البالغة الرشيدة البكر تستأذن الوليّ على الأحوط وجوباً.
الرابع: البالغ الذكر إذا كان سفيهاً مبذّراً، وتعيين المهر والزوجة بيد الوليّ.

ب- إذا مات الأب والجدّ للأب تستقلّ البالغة الرشيدة البكر في تزويج نفسها. ويستحبّ لها أن تستأذن أخاها، ومع تعدّد الأخ يستحبّ أن تستأذن أخاها الأكبر.

ج- لا ولاية للأمّ ولا للعمّ والخال والأخ وأولادهم.

د- لا ولاية للأب والجدّ على الولد البالغ الرشيد.

هـ- إذا تزوّجت البالغة البكر الرشيدة بإذن وليّها، ثم دخل زوجها بها، إلّا أنّ بكارتها بقيت، ثمّ طلّقها زوجها أو مات، وأرادت الزواج من جديد فالأحوط وجوباً استئذان وليّها.

و- يشترط في صحّة الزواج من البكر البالغة الرشيدة من أهل الكتاب إذن وليّها على الأحوط وجوباً، فهي كالمسلمة من هذه الجهة، والوليّ هو أبوها وجدّها لأبيها. نعم لو لم يكن الاستئذان معتبراً في ملّتهم فلا يشترط إذن وليّها.

ز- لا ولاية للأب والجدّ للأب على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيّباً (ليست بكراً) فيما لو زالت بكارتها بالوطء، بلا فرق بين الوطء الحلال أو الحرام. نعم يستحبّ لها أن تستأذن أباها أو جدّها، وإن لم يكونا فأخاها، ومع تعدّد الأخ يستحبّ استئذان الأخ الأكبر.

ح- لو زالت بكارة البالغة الرشيدة بالوطء ولكنّها أجرت عمليّة ترميم البكارة، بحيث عادت البكارة كما كانت فلا ترجع ولاية الوليّ، بل يجوز العقد عليها برضاها - فقط - دون حاجة لإذن الأب والجدّ للأب.

ط- إذا وافق الوليّ على تزويج ابنته البكر الرشيدة البالغة، واتّفقوا على كلّ شيء، ولكنّ العقد أُجّل إلى موعد آخر، فلا يجوز للشاب أن يعقد على هذه المرأة قبل الموعد المحدّد إلّا بإذن الوليّ على الأحوط وجوباً

ي- الرشد هو حسن التصرّف على طريقة العقلاء ومسلكهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلاً وصرفاً. ويقابله السفيه الذي يمكن خداعه بسهولة ولا يبالي بانخداعه، ويصرف ماله في غير موضعه ويتلفه بغير محلّه.

ك- تسقط ولاية الوليّ على البالغة البكر الرشيدة إذا منعها من التزويج بمن هو كفؤ لها شرعاً وعرفاً، بشرط أن تكون بحاجة للتزويج، بحيث لو تركته لخافت الوقوع في الحرام، ولا يوجد كفؤ آخر يرضى به الولي.

ل- ولاية الجدّ للأب ليست مرتبطة بحياة الأب أو موته، فعند وجود الجدّ والأب معاً فلكلّ منهما الاستقلال بالولاية، فإن أجاز أحدهما فليس للآخر منعه، فإذا سبق أحدهما في تزويج البنت البكر الرشيدة لم تبقَ ولاية للآخر، فلا يحقّ له المنع.

م- يشترط في الوليّ العقل، فلو كان مجنوناً فلا ولاية له. وكذا يشترط أن يكون مسلماً إذا كانت البنت مسلمة، فلا ولاية لغير المسلم على ابنته المسلمة.


المهر


1. نوعيّة المهر:

يقال للمهر الصداق1. ويشترط أن يكون ممّا يسمح الشرع الحنيف بتملّكه، من عين أو منفعة. والعين كالأرض وعين المال النقديّ والسيّارة والإبل والبقر والغنم ونحو ذلك. والمنفعة كتعليم صنعة ونحو ذلك من كلّ عمل محلّل. ولا يصحّ أن يكون المهر ممّا لا يسمح الشرع الحنيف بتملّكه للمسلم، كالخمر والخنزير.

2. تعيين المهر:

أ- يشترط تعيين المهر بما يخرجه عن الإبهام، وتكفي المشاهدة. ولا يقدّر المهر بقدر، بل يصحّ كلّ ما تراضى عليه الزوجان، كثيراً كان أم قليلاً، ويستحبّ في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السُّنّة، وهو خمسمئة درهم، ويعادل 1260 غراماً من الفضّة من العيار الأعلى.

ب- ذكر المهر ليس شرطاً في صحّة العقد الدائم، فيصحّ بدون ذكر المهر ولو عمداً، ولو تمّ العقد بدون ذكر المهر ففيه صورتان:

الأولى: إذا دخل بها استحقّت الزوجة على زوجها مهر أمثالها من النساء، سواء أطلّقها بعد الدخول أو مات أحدهما بعد الدخول. ويجوز لهما أن يتراضيا على شيء.
الثانية: إذا طلّقها قبل الدخول فتستحقّ عليه أن يعطيها شيئاً بحسب حاله من الغنى والفقر، كثوب أو دينار (3,60غ من الذهب) أو درهم (2,52 غ من الفضّة) أو غيرها.

ج- يجوز أن يجعل المهر كلّه حالّاً بلا أجل، ويجوز أن يجعله كلّه مؤجّلاً، ويجوز أن يجعل بعضه حالّاً وبعضه الآخر مؤجّلاً.

3. استحقاق المهر:

أ- تملك المرأة المهر بمجرّد العقد، وتستقرّ ملكيّتها له بتمامه بعد الدخول بها قُبلاً أو دُبراً. نعم ليس لها المطالبة به إن كان مؤجّلاً إلّا عند حلول أجله.

ب- لو مات أحد الزوجين قبل الدخول أو طلّق الزوج زوجته قبل الدخول سقط نصف المهر المجموع من المعجّل والمؤجّل، وتستحقّ الزوجة النصف فقط.

ج- يجوز للزوجة أن تمتنع عن تسليم نفسها لزوجها للدخول بها حتّى تقبض تمام مهرها المعجّل.

د- المهر حقّ للزوجة يجوز لها أخذه، كما يجوز لها أن تبرئ ذمّة زوجها منه أو من بعضه.

هـ - تستحقّ الزوجة المؤجّل إذا طلّقها زوجها أو مات، كما وتستحقّ المؤجّل إذا ماتت، وينتقل إلى ورثتها.

4. تحذير للزوجة:

إنّ الزوجة تستحقّ تمام المهر عند العقد، فإذا مات أو طلّقها قبل الدخول فتردّ نصفه للزوج؛ ولذا لو أبرأته من تمام المهر قبل الدخول ثمّ طلّقها قبل الدخول فيحقّ للزوج أن يطالبها بردّ النصف من مالها، لذا فعليها أن تنتبه، وأمامها خياران كي لا تقع في مشكلة، وهما:

الأوّل: أن تهبه تمام المهر بعد الدخول، فلا تردّ عليه شيء.
الثاني: أن تهبه نصف المهر قبل الدخول؛ فلو طلّقها قبل الدخول لا تردّ عليه شيء.

 

2015-08-19