يتم التحميل...

بركات الالتزام بالولاية

أبحاث في الولاية

يقول تعالى في كتابه الكريم وَمَن يَتَوَلّ‏َ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ امَنُواْ فَإِنّ‏َ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ. هذه الآية المباركة تشير إلى الولاية الشرعية العائدة إلى ولاية اللَّه تعالى، والتي هي ولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده الأئمة عليهم السلام وفي زمن الغيبة ولاية الفقيه.

عدد الزوار: 46

يقول تعالى في كتابه الكريم ﴿وَمَن يَتَوَلّ‏َ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ امَنُواْ فَإِنّ‏َ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(المائدة:56) هذه الآية المباركة تشير إلى الولاية الشرعية العائدة إلى ولاية اللَّه تعالى، والتي هي ولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده الأئمة عليهم السلام وفي زمن الغيبة ولاية الفقيه، وللإلتزام بهذه الولاية الشرعية بركات عظيمة وجليلة نذكر منها:

النصر
وهذا ما أوضحته الآية الكريمة حيث أعلنت للمسلمين بأن النصر سيكون حليف أولئك الذين يقبلون القيادة الشرعية ووصفتهم بأنهم حزب اللَّه الغالب، هذا الإنتصار يشمل جميع الجهات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغير ذلك. وهذا ما أكدت عليه الآية الكريمة ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم(محمد:7) فمن أدى تكليفه الشرعي وتولى أولياء اللَّه وقاتل تحت راية القيادة الشرعية فلا بد أن ينتصر وينصره اللَّه تعالى ويؤيده ويسدده.

فقدرة العدو لا شي‏ء أمام قدرة اللَّه تعالى غير المحدودة، حيث وعد سبحانه وتعالى المجاهدين بالنصر وتثبيت الأقدام أمام الأعداء لأنه أهم رمز من رموز الإنتصار، كما حصل مع طالوت وجالوت حيث أن القلّة مع طالوت هزمت الجيش الجرار مع جالوت وطلبوا من اللَّه تعالى أن يثبت أقدامهم ﴿وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(البقرة:250) وحصلت النتيجة في الآية التالية ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوت(البقرة:251)، وفي آية أخرى يذكر اللَّه تعالى المؤمنين الذين استقاموا وأدوا ما عليهم من تكاليف والتزامهم بالقيادة الشرعية كيف أيدهم بالنصر يقول تعالى: ﴿إِنّ‏َ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمّ‏َ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة(فصلت:30).

وما النصر الذي حصل والذي ننعم فيه إلا رشحة من رشحات هذه الولاية، لأن الاستقامة والولاء والانقياد لولي الأمر والالتزام بالتكليف هو الذي أمدّنا بالنصر والتوفيق والتسديد أمام أقوى قوة في الشرق الأوسط من ناحية العدة والعتاد والتجهيزات والدعم الإستكباري، ولكن هنا صدق قول اللَّه سبحانه وتعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(البقرة:249).

الوحدة
وهذا ما أشارت إليه الرواية عن الفضل عن الإمام الرضا عليه السلام يذكر فيها سبب ضرورة وحدة القيادة: "إن الواحد لا يختلف فعله وتدبيره والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما، وذلك أنا لم نجد إثنين إلا مختلفي الهم والإرادة، فإذا كانا اثنين ثم اختلف همهما وإرادتهما وكانا كلاهما مفترضي الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق والتشاجر والفساد...".

إن الولي الفقيه العادل هو القادر على توحيد هذه الأمة بعدما جهد أعداء الإسلام في تمزيقهم وتفريقهم ضمن السياسة المتّبعة تحت قاعدة "فرّق تسد"، وكذلك نحن في لبنان حيث نجد ثلة مؤمنة التزمت ولاية الفقيه، فصانت نفسها وحفظت طاقات المؤمنين في اتجاه واحد تحت لواء القيادة الحكيمة للإمام قدس سره، وكانت ولاية الفقيه وقيادة الإمام هي نقطة الالتقاء والانطلاق.

العزة
يقول اللَّه تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا(فاطر:10) إن العزة لا تكون إلا من اللَّه تعالى لأنه مصدر الشرف والعزة والكرامة الحقيقية، وان الروح لا تشعر بالإطمئنان إلا في ظل الإيمان ﴿أَلا إِنّ‏َ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(يونس:62) ومن هنا فإن البحث عن العزة في غير الطريق الإلهي لن يكون مجدياً، فالمؤمنون اكتسبوا العزة من شعاع عزة الباري تعالى لأنهم ساروا في طريق الالتزام بطاعة الولي الشرعي، قال الإمام الحسن عليه السلام: "إذا أردت عزاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية اللَّه إلى عزَّ طاعة اللَّه"1 فالعزة الحقيقية لا تكون إلا بطاعة اللَّه وأوليائه.

وحقيقة العزة أنها قدرة تظهر في قلب وروح الإنسان وتبعده عن الخضوع والتسليم والاستسلام أمام الطغاة والعصاة، ومنبع هذه القدرة هو الإيمان باللَّه والتزام التكاليف، فبالارتباط بالمنبع الأصلي للعزة يبقى الإنسان صلباً وعنده الرفعة والمنعة، وأما من يطلب العزة من غير هذا الطريق كأنه يسعى وراء سراب، كالسير تحت راية المنافقين والكفار، لذلك يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنّ‏َ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا(النساء:139).

وكما تحدث اللَّه تعالى عن السحرة عندما ظنوا أن القوة والقدرة والرفعة والعزة لا تكون إلا عند فرعون فحلفوا بعزته سيغلبون ﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُون(الشعراء:44) ولكن عندما ألقى النبي موسى عليه السلام أكلت ما كانوا يأفكون فعندها علم السحرة أن العزة لا تكون إلا من رب العالمين ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُوا امَنَّا بِرَبّ‏ِ الْعَالَمِينَ(الشعراء:46- 47).

* دروس في ولاية الفقيه, إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية, ط1, تشرين الأول 2005م, ص 79-84.


1- بحار الأنوار، ج‏44، ص‏139.

2009-08-03